عين دارة ــ عامر ملاعببدا المشهد، أمس، في بلدة عين دارة ـــــ قضاء عاليه متشابكاً إلى حد بعيد، لوقوع القرية الجبلية بين فكي الكسارات التي تنهش أعاليها في منطقة ضهر البيدر، وبين المرامل في محيطها، ومشروع بناء سد للمياه في وادي البلدة في منطقة «المارغة». بعد سلسلة تحركات لإقفال المرامل، اعتصم الأهالي، أمس، من أجل وقف إقامة سد المياه، في مشهد يجسّد الصراعات «البلدية» التي تتخذ من القضايا الحساسة مادة للخصومات. هنا، ارتفع الكلام عن روائح الصفقات والمرامل والكسارات والأموال والاتهامات وغيرها، وتوجهت السهام نحو المجلس البلدي وبعض المستثمرين، فيما غابت الرؤية الواضحة عن صلب المشكلة، وإن كان الجميع اتفقوا على أن الصراع السياسي أو المذهبي أو الطائفي في البلدة غير موجود. المهندس نضال حداد رأى باسم المعتصمين أنّ البلدة «تتعرّض لتطويق منهجي يكتمل بمشروع بناء بحيرة تقضي على أراضينا الزراعية ومواردنا المائية». وناشد حداد وزير الطاقة والموارد المائية «إعادة دراسة الملف بالكامل والعمل على إيقاف إجراءات التلزيم، والبحث عن حلول بديلة تتناسب أكثر مع المعايير البيئية والجيولوجية». وطلب من وزير الداخلية والبلديات أن «يتدخل لوقف استغلال بلدية عين دارة لموضوع السد وملاحقة من تثبت مخالفته القانون». وحمّل حداد مجلس بلدية عين دارة «مسؤولية الاعتراض رسمياً، على إنشاء هذا السد لما يسبّبه من ضرر عام». وحذر من «الملاحقة القانونية للشركات المتعهدة إذا قامت بأي أعمال داخل الأراضي الخاصة من دون أخذ الإذن المسبق من أصحاب الأراضي». ودعا حداد الأهالي إلى «عدم بيع الأراضي وأن يكونوا على أهبة الاستعداد للتدخل إذا ما أقدم أحد على المس بممتلكاتهم».
أما رئيس بلدية عين دارة، سامي حداد، فرد عبر «الأخبار» على التحرك واضعاً إياه في خانة السعي إلى أهداف انتخابية تسبق الاستحقاق البلدي، مؤكداً أنّ البلدية غير مسؤولة عن السد. واتهم رئيس البلدية جهات بلدية سابقة «بالوقوف خلف الاعتصام، وخصوصاً أنّ البلدية تمتلك دراسات الأثر البيئي، التي لا تدل على أي مخاطر».
بدوره، أكد رئيس جمعية طبيعة بلا حدود، محمود الأحمدية، أن «بناء سد اصطناعي بهذه الأهمية يحتاج إلى دراسة الآثار البيئية»، مستغرباً القول إنّ السد غير مسيء إلى البيئة. وقال: «الشرط الأساسي لنجاح البحيرات هو أن تكون طبيعة الأرض غير قابلة لتسرّب المياه وهذا غير متوافر في هذه المنطقة، فالأراضي رملية، والقيّمون على المشروع يدّعون أنه سيجري تجميع نحو أربعة ملايين متر مكعب من المياه».
ويكشف المواطن شاكر يمين لـ«الاخبار» أن «جهات نافذة في البلدة تعمل على توزيع رخص استصلاح الأراضي على الأهالي، وهي فعلاً لاستخراج الرمول، وتوزع المازوت عليهم لاسترضائهم»، مشيراً إلى أنّ مشروع السد «هو لتغطية الكوارث التي أحدثوها في الوادي جراء المرامل».


فكرة قديمة

بدأ التفكير ببناء سد اصطناعي للمياه في تلك المنطقة منذ عام 1960 بعدما أطلقت الدولة سلسلة مشاريع لبناء السدود في لبنان، وفي عام 2005، أعيد إحياء المشروع.
يتحدث الأهالي عن امتداد المشروع على مساحة مليون متر مربع، بينما يتحدث رئيس البلدية عن استملاك مساحة 500 ألف متر مربع يستخدم المشروع منها نحو 300 ألف متر مربع. يذكر أنّ المنطقة رملية وتكثر فيها أشجار الصنوبر، بينما يحتاج بناء السد إلى كمية كبيرة من الصخور وتراب من نوع «الدلغان»، ما يهدّد المناطق المحيطة.