تفاقمت في الآونة الأخيرة عمليات السلب، الفاعلون ينتحلون صفات أمنية. لكن بعض الوثائق تدفع إلى السؤال، هل ثمة أفراد غير منضبطين في القوى الأمنية
محمد نزال
لا يكاد يمرّ يوم دون أن تحصل عملية سلب، بحسب ما تشير الشكاوى والبلاغات الواردة إلى القوى الأمنية. يمثّل السلب المسلح نسبة عالية من هذه العمليات، وخاصةً تلك التي ينتحل فيها السالبون صفات أمنية مختلفة.
في الآونة الأخيرة ازدادت، بحسب تقارير أمنية، عمليات السلب مع انتحال صفات أمنية وعسكرية. يلجأ السالبون إلى هذه الطريقة بغية السلب «بنعومة»، أي تحاشياً لأيّ رد فعل عنفي من جانب المسلوب. مسؤول أمني رفيع قال لـ«الأخبار» إنه خلال سنة تقريباً، أُوقفت نحو 55 عصابة سلب، وجزم أن ظاهرة السلب المسلح، وخاصةً تلك التي تُنتحل فيها صفات أمنية، «قد انتهت، أو باتت على وشك الانتهاء».
هذا من جهة المدنيّين، لكن هل ثمة عسكريّون «حقيقيّون» ينفّذون هذه العمليات؟ لا ينفي المسؤول في قوى الأمن الداخلي وجود أفراد «غير منضبطين في المبدأ، لكن لم تسجَّل لدينا حالات بارزة، لذا لا يمكن عدّ الأمر ظاهرة».
إن أراد أحد رجال الأمن السلب، فلن يحتاج إلى انتحال صفة أمنية، وستكون «المهمة» سهلة. بعض الوثائق الرسمية تشير إلى تورط رجال أمن في بعض هذه العمليات. من هذه الوثائق، برقية صدرت عن وزارة الخارجية والمغتربين بصيغة «عاجل»، تطلب فيها من وزارة الداخلية والبلديات «الاطّلاع والإفادة»، وذلك بتاريخ 7/10/2009. وتتحدث البرقية عن خبر صحافي ورد في صحيفة «عكاظ» السعودية، وهو «يسيء إلى القوى الأمنية اللبنانية». أُرفقت نسخة عن الخبر مع البرقية التي حملت الرقم 3240/4، وجاء في نصها أن «أحد الرعايا السعوديين في لبنان، تعرّض لعملية سلب من عصابة تعمل في الشأن العقاري، وذلك «بالتعاون مع أفراد من الشرطة اللبنانية».
في التفاصيل الواردة في الخبر، أن السعودي ح.س سُلب منه مبلغ مليون دولار أميركي (3.75 ملايين ريال سعودي)، بعدما كان راغباً في تملّك منزل في بيروت. نصبت له كميناً عصابةٌ «بالتعاون مع اثنين من أفراد الشرطة اللبنانية»، فأوقف وأودع السجن بتهمة حيازة أموال «لتمويل الإرهاب». ونقلت «عكاظ» عن المواطن السعودي، أنه مُنع من الاتصال بسفارته في بيروت، ثم أطلقوا سراحة وسلّموه حقيبة مملوءة بأوراق بيضاء.
مسؤول أمني رفيع في قوى الأمن الداخلي، أكّد لـ«الأخبار» صحة الخبر المذكور، ممتنعاً عن ذكر المزيد من التفاصيل، لكنه أشار إلى أن التحقيق في القضية ما زال جارياً لكشف جميع ملابساتها، وأن هناك «موقوفين يجري التحقيق معهم».
مسؤول آخر توعّد بأنه في حال «ثبوت التهمة على أفراد من القوى الأمنية، فإنهم سيعاقبون بأشد العقوبات التي ينص عليها القانون، ليكونوا عبرة لسواهم».

خلال سنة تقريباً أُوقفت نحو 55 عصابة سلب
أحالت وزارة الداخلية والبلديات البرقية المذكورة، على قيادة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي «للاطّلاع وبيان الرأي والإفادة». بدورها، أرسلت القيادة 3 نُسخ إلى كل من: قيادة الشرطة القضائية وقيادة شرطة بيروت ورئاسة الأركان، وطلبت «الاطّلاع وبيان الرأي كلٌ في ما خصّه والإعادة».
لم تكن الحادثة المذكورة فريدة من نوعها، فقد أوقفت القوى الأمنية قبل أيام الشرطي ر.ر وباشرت التحقيق معه. وذكرت تقارير أمنية أن الشرطي المذكور «سلب مبلغ 400 ألف ليرة من المواطن السوري منهل.ح بطريقة احتيالية»، وذلك في منطقة سوق الأحد ـــــ سن الفيل. تجدر الإشارة إلى أن التقارير الأمنية يرفض بعض المتابعين لهذه القضايا «الإساءة إلى القوى الأمنية»، لأن هذا يُضعفها كمؤسسة، ويُضعف بالتالي أمن المواطنين. ويشير هؤلاء إلى أن بعض المجنّدين المتعاقدين، عندما يسرّحون من الخدمة، يحتفظون بالبدلة العسكرية وينفّذون بعض عمليات السلب.