طرابلس ــ عبد الكافي الصمدمثّل قرار وزير الزراعة، حسين الحاج حسن، المتعلق بإيقاف العمل بقبول طلبات قطع الأشجار الحرجية أو استثمارها، «مفأجاة» غير سارة للعاملين في تجارة الحطب والفحم في عز موسمهم، انسحبت على المواطنين الذين يقضون أيام فصل الشتاء بكاملها في مناطقهم الريفية والجبلية.
ففي توقيت دقيق يتزامن مع موسم تجارة الحطب والفحم اللذين يقبل عليهما الناس هذه الأيام، جاء قرار وزير الزراعة ليرسم أكثر من علامة استفهام حول كيفية تطبيقه من غير وجود خطة واضحة أو إمكانات كافية لدى الوزارة، هذا من دون الحديث عن غياب البديل لدى شرائح واسعة من المواطنين لذلك لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى.
فالقرار الذي يحمل الرقم 530 /1 وصدر في 26 تشرين الثاني الفائت، يؤكد أنه «بناءً على قرار الغابات الصادر في 1/7/1949، لا سيما المادة 71 منه، وأهمية المحافظة على البيئة والحد من التصحر وخفض الاحتباس الحراري، وبناءً على ضرورات المصلحة العامة، يقرر توقف العمل بقبول طلبات القطع أو الاستثمار للأشجار الحرجية الورقية وغير الورقية للجهات الخاصة، واعتبار جميع الطلبات السابقة التي لم يبت بها مرفوضة، وتبليغ هذا القرار من يلزم، ويعمل به من تاريخ صدوره، مع الإصرار والتأكيد على تنفيذ مضمونه».
ومع أن القرار لقي ترحيباً من جانب ناشطين بيئيين، مع إبدائهم ملاحظات عليه، فإنه قوبل بتململ كبير من مواطنين له لأنه سيمنعهم من تأمين مادة للتدفئة أقل سعراً من غيرها، واستياء واضح من تجار حطب وفحم منه منعهم من الاستثمار في مجال يعتبرونه مربحاً، وهو «شغلتنا التي لا نعرف غيرها خلال فصل الشتاء» على حد قول أحدهم لـ«الأخبار» الذي فضل عدم ذكر اسمه «حتى لا أحرم من الحصول على رخص التشحيل مستقبلاً» وفق تعبيره.
ففي هذا المجال، يعتبر رئيس مجلس البيئة في القبيات أنطوان ضاهر أن «القرار جيد لأنه سيوقف الهجمة القائمة على الأشجار الحرجية، وخصوصاً أن رخص التشحيل يقوم بها أفراد غير محترفين، وليس عندهم إلمام كاف بتقنيات العمل الذي يجب أن يتم بإشراف الوزارة، وليس جمعيات وأشخاص يحتاجون إلى دراية علمية، إضافة إلى تقدم الاعتبارات التجارية عند أغلبهم على الاعتبار البيئي».

القرار يحتاج لإجراءات أخرى تتبعه كتدريب جهاز بشري على التشحيل
لكن ضاهر يرى أن «من يقطعون الأشجار كأفراد سيستمرون ولن يمنعهم القرار، فهذا عرف متوارث في الأرياف انطلاقاً من علاقة القروي بالغابة، ومن أن التشحيل مفيد للطرفين معاً، لكنه سيؤثر على تجار الحطب والفحم الذين لا ينظرون إلى الأحراج على أنها مصدر رزق مستدام لهم، بل مصدر ثروة آنية، و«ضرب» مالي عابر».
وإزاء توقع البعض ارتفاع نسبة المخالفات نتيجة عدم التزام كثيرين بالقرار، في عكار والضنية والبترون تحديداً حيث فيها مساحات حرجية كبيرة أكثر من غيرها، وصدور محاضر ضبط عدة بحقهم، يرى ضاهر أن القرار «يحتاج إلى إجراءات أخرى تتبعه، كتدريب جهاز بشري فعال يشرف على التشحيل، على أن تؤلّف وزارتا الزراعة والبيئة سلطة مرجعية عليا في أعمال التشجير والتشجير وشق الطرق الزراعية وغيرها». في موازاة ذلك، يعتبر رئيس مجلس إنماء الكورة جورج جحا أن القرار «يُعنى بجانب فرعي لناحية الاهتمام بالأحراج والغابات»، مشيراً إلى أنه «عندما لا نشحل الأشجار وننظف الأحراج من الأغصان والأوراق اليابسة وفق الأصول، يسبب ذلك حرائق تقضي عليها، ويكلفنا ذلك شراء طائرات باهظة الثمن من أجل إطفاء الحرائق».
وينظر جحا إلى الأحراج كـ«مورد اقتصادي هام يستفاد منه»، معتبراً أن قرار الوزير «مبني على فكرة خطأ محورها أن رخصة القطع والتشحيل التي تعطى لأشخاص، يتجاوزونها غالباً فيسيئون إلى الأحراج، وهي فكرة خاطئة يعالجها قرار الوزير آنياً ومؤقتاً، والمطلوب معالجتها نهائياً».