بيسان طيأثارت «الأخبار» في عددها الصادر في ٢١ تشرين الأول الماضي، قضيّة الشاب رضا تيمور المتهم بجريمة قتل الصرّاف أحمد الخطيب، الذي تبيّن، وفق تقارير الطبيب الشرعي، أنه أدلى بإفاداته في التحقيق الأوّلي بعدما تعرّض للتعذيب الجسدي، فيما تحدّث هو في إفاداته المتلاحقة عن تعذيب نفسي مورس في حقّه لإجباره على تبنّي الجريمة وتمثيلها.
أمس عُقدت جلسة استجواب جديدة للشهود في القضية، وذلك في محكمة الجنايات وقد ترأّستها القاضية هيلانة اسكندر.
مرةً جديدة تلفت قضية هذا الشاب إلى ثُغر أو «انتهاكات» وفق تعبير قانونيّين يتابعون القضية. وهي تتعدّى جريمة القتل التي يعود إلى القضاء وحده بتّها، لتسلّط الضوء على أداء بعض المشاركين في محاولة الكشف عنها.
مثل أمام قوس المحكمة الرقيب أول غ. أ. ر. وهو من تولّى كتابة محاضر التحقيق الأوّلي في زحلة.
الرقيب أقرّ خلال استجوابه أمس بارتكاب خطأين في كتابة المحاضر، ولم يتنبّه إلى أنه وقع في خطأ ثالث في الكتابة، ذلك رغم أنه وضع توقيعه على محاضر التحقيق الأوّلي، الذي أُجري في البقاع، فعندما سأله محامي الدفاع كيف يمكن أن يأتي في المحاضر أن المسدس العائد إلى المتهم قد أُرسل إلى المباحث في 5 كانون الثاني 2008، فيما يتضمن محضر موقّع منه أيضاً أن المسدس ضُبط في 6 كانون الثاني 2008، ردّ أن في الأمر خطأ في الكتابة «كان من المفترض أن نذكّر بأن ثمة إشارة من النيابة العامة» عن ضبط المسدّس.
النقطة الثانية اللافتة بالنسبة إلى القانونيّين، تتمحور حول الشريط الصادر عن أحد مصارف شتورا، ويقول المتهم إنه كان فيه لحظة وقوع الجريمة، وقد سلّمت إدارة المصرف نسختين عن شريط يتضمّن حركة الدخول والخروج إلى فرعه في شتورا صباح 22/12/2007. فالنسخة التي وصلت إلى المحكمة فارغة، فيما جاء في المحضر أن شريط الفيديو فيه تسجيل بالتاريخ والتوقيت المطلوب. الرقيب قال إنه لم يشاهد الشريط، بل نقل ما ورد من كتابة على المظروف الذي تسلّمه من المصرف، واللافت هنا أن ما جاء في المحضر لا يأتي على ذكر أن كاتبه نقل ما سجّله المصرف. وهذا خطأ آخر، إذ يُفترض بكاتب محضر تحقيق أن يتوخّى الدقّة في كل ما يكتبه.
نسخة شريط تسجيل الكاميرا التي وصلت إلى المحكمة كانت فارغة، خلافاً لما ورد في المحضر
الخطأ الثالث يتعلّق بالشريط المصوّر، فقد ورد في التحقيق أنه شريط فيديو فيما في حوزة المحكمة قرص مدمج، هنا رد المُستجوَب بأنه كتب «شريط فيديو»، ولكن المقصود قرص مدمج CD وأكد أنه لم يفتحه ولم يشاهده.
وعندما سئل عن مضمونه ردّ بسرعة أنا لم أرَ ع. خ. لكن مسؤولينا رأوه، لكنه عاد ونفى أن يكون زملاؤه قد شاهدوا الشريط.
أحد محامي الاتهام وجّه سؤالاً إلى المُستجوب عن عملية عرض قبعة أمام شقيق الصراف لدى استجوابه، حين كان موقوفاً، وهي قبّعة تعود إلى موقوف آخر، أُوقف بعد استجواب شقيق الضحية، ارتبك الشاهد في ردوده، قال بدايةً إنه فتح صفحة ثانية، وبدأ التحقيق مع الموقوف الثاني، ثم ردّ بأن التحقيق كان مستمراً مع شقيق الصراف، وخلال هذا الوقت أُحضر الموقوف الثاني، فعُرضت القبعة. وعاد واستدرك أنه أخطأ في كلامه عن الاستعانة بورقة ثانية لكتابة محضر التحقيق مع الموقوف الثاني.
المُستجوَب قال إنه عوقب وزميله بيومَي حجز لأن محضر التحقيق تضمّن أخطاءً في الكتابة.
لكن العقاب «لا يمحو حقيقة أن هذه الأوراق مدرجة في ملف القضية»، والأسوأ بالنسبة إلى مستشارين قانونيين هو فعل ارتكاب الخطأ بحدّ ذاته، يعلّق هؤلاء «الأخطاء التي يتحدّث عنها ليست أخطاءً إملائية، إنها أخطاء تضرّ بمسار التحقيق، كيف يمكن أن يشعر المواطن بالاطمئنان، إذا كان رجل أمن يرتكب أخطاءً بهذه الفداحة، فكيف يمكن أن يقتنع المواطن بأن هذا المحقّق رجل كفء؟».
الرقيب نفى جازماً أيّ إمكان لقيام المصرف بختم المظروف الذي يتضمّن الشريط بالشمع الأحمر، وهذا الكلام المطابق للنص القانوني، يختلف عمّا ورد في إفادة زميل له، حضر في جلسة سابقة، وقال إنه تسلّم المظروف من المصرف مختوماً بالشمع الأحمر. على أي حال حضر بين الشهود مدير فرع المصرف، وقال إن مظروف مصرفه كان ملصقاً.
وجاء في إفادة الرقيب تعارض آخر مع إفادة زميله الذي كان في إطار نفيه تعرّض رضا للتعذيب، قد قال إنه صوّره عبر الهاتف خلال التحقيق، وأخذ مكافأة على ذلك.
المُستجوَب أمس قال إن التصوير خلال التحقيق ممنوع، ولا يمكن أن يحصل. ونفى تعرّض رضا للتعذيب أو «التزليط»، وهذا مخالف لتقارير الطبيب الشرعي، فمراجعة المحاضر تلفت إلى أن المحقّقين لحظوا وجود وشم على كتف رضا. بعض المتابعين يسألون كيف شاهدوا الوشم، ولم يروا آثار التعذيب.
خلال جلسة أمس استجوب مؤهّل شارك في سوق المتهم إلى غرفة الكروم في زحلة، حيث ضُبط المسدس، وفق ما جاء في محاضر التحقيق، وشارك في سوقه لتمثيل الجريمة، ونفى ما جاء على لسان المتهم، فرد الأخير بأن هذا المؤهّل ضربه.
واستجوبت موظفة في المصرف، أكدت أن تيمور هو من حضر إلى الفرع لإتمام عملية مصرفية باسم والدته.