«بالصيف بإهمج وبالشتي بجبيل»، بين المكانين تتنقّل إيفيت متّى وعائلتها كغيرها من أبناء إهمج في الشتاء «هنا يذهب الأولاد إلى المدرسة، وتقرب المسافة إلى عمل زوجي في بيروت»، إلّا أنّ العائلة تعود إلى إهمج لتقضي فيها عطل نهاية الأسبوع، وخاصّةً في موسم التزلّج الذي يتقنه الأولادتتكرّر الأسباب والموت واحد. موت الجرد غير الصالح للعيش في الشتاء. والتدفئة، اسم معاناة أبناء البلدة، كما يشرح لـ«الأخبار» مختار إهمج الياس متّى، مضيفاً إنّ الاسم الآخر هو حال الطرقات التي يصح وصفها بأنه «بين الجورة والجورة في جورة»، ما يدفع أبناء إهمج، التي ترتفع 1140 متراًَ عن سطح البحر، إلى الإحجام عن زيارتها «كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا»، وخاصّة أيّام المطر الشديد والثلوج. ويعاني حوالى 3800 نسمة من السكان نقصاً حادّاً في .. المياه. فالمنطقة فقيرة، عكس جارات لها، بالينابيع، ما يسهم في نزوح عدد منهم. رئيس بلدية إهمج نزيه أبي سمعان قال إن 20% من نازحي البلدة يتوجّهون إلى جبيل، ويتوزّع الآخرون على كسروان والعاصمة، حيث المدارس والجامعات ومراكز العمل، مشيراً إلى أنّ عدد هؤلاء يتزايد سنة تلو الأخرى، ومطالباً الدولة في هذا المجال بالعمل على الإسهام في إبقاء أبناء الأرياف فيها في فصل الشتاء، ولافتاً إلى إسهام البلديّة على قدر الإمكانات المتوافرة، بتأهيل الطرقات الداخليّة في البلدة، كما يسهم مركز الثلوج في البلدة في جرف المتراكم منها، مما يقطع الطرقات، بانتظار إنهاء أوتوستراد عنايا ـــــ إهمج ـــــ اللقلوق، وهو مستملك منذ سنة 1963. ويضاف إلى مشكلة الطرقات غياب أيّ شيء قد يوفّر فرص عمل دائمة وغير موسمية في البلدة، باستثناء عدد صغير لا يكفل بقاء المواطنين فيها. أبي سمعان أشار إلى أنّ الوضع يتحسن قليلاً خلال موسم التزلج، مطالباً الدولة بوضع خطّة لتشجيع إقامة مشاريع توفّر فرص عمل للأهالي ليبقوا في بلداتهم.
في هذا الإطار، يشرح رئيس جمعيّة الإنماء في إهمج، مخايل جبرايل، أنّ نسبة النازحين في فصل الشتاء زادت زيادة ملحوظة خلال السنوات الثلاث الماضية، بسبب غلاء وسائل التدفئة، إضافةً إلى ازدياد عدد طلاب البلدة الذين وصلوا إلى مرحلة الدراسة الجامعيّة، إذ تغيب الجامعات عن البلدة، التي تستقبل طلاب المدارس في مدارس ثلاث فيها: الابتدائيّة لراهبات العائلة المقدّسة، المدرسة التكميلية الرسميّة والثانوية الرسميّة. جبرايل تحدّث عن نسبة 40 بالمئة من الأبناء النازحين في فصل الشتاء، مطالباً باسم الجمعيّة التي يرأسها بتأهيل الطرقات المؤديّة إلى البلدة، فضلاً عن معالجة أزمتَي المياه والكهرباء فيها قبل المطالبة بإقامة الحدائق العامّة، وحماية البيئة وغيرها. وعن سبل العيش في البلدة يقول جبرايل «لا يمكن اعتبار الزراعة مصدر عيش أساسيّاً للمواطنين في إهمج، وخاصّةً أنّها خاضعة لصدفة نجاح المواسم الزراعيّة أو عدمه»، مشيراً إلى أنّ موسم التزلّج يدرّ على البعض الإفادة إلا أنّ الوضع العامّ في السنتين الأخيرتين أثّر كثيراً في المحّلّ فأُقفل عدد منها.
جوزيف ضاهر، وهو صاحب متجر لبيع السمانة في البلدة، تحدّث من جهته عن فرق بنسبة 75 بالمئة في الحركة بين الصيف والشتاء، مشيراً إلى أنّ الدورة الاقتصادية تسوء بطريقة ملحوظة في فصل الشتاء، إلا أنّ ذلك لا يمنعه من فتح متجره كما في الصيف، من السابعة والنصف صباحاً حتّى العاشرة والنصف مساءً. ضاهر يلازم إهمج صيفاً وشتاءً، مثل السيّدة رينيه أبي رميا، التي تلازم وعائلتها إهمج، فزوجها أمين يعمل نجّاراً، ويملك مشغلاً في البلدة، وأولادها يدرسون في مدرسة البلدة، وتتوجه العائلة في فترات الجليد، وعندما تقفل المدارس بسبب سوء الأحوال الجويّة، إلى منزلها الآخر في جبيل، إلّا أن الوقت الأكبر تقضيه العائلة في إهمج.
ج. ع.