صيدا ــ خالد الغربي
ينادي السائق الصيداوي محمود حمزة (31 عاماً) على الركاب بصوتٍ عالٍ «ع الشام... ع الشام، واحد ع الشام هلّق ماشي». يستغرب المارّون من أمامه العبارة الجديدة التي ينادي بها، فلا سيارات هنا إلى الشام، عادة. فالسيارات التي تقلّ المسافرين إلى العاصمة السورية تطلع عادة إما من بيروت وإما من طرابلس، وإما من شتوره، فهل غيّر السائق المعروف هنا خطّ سيره فجأة؟ يأتي الجواب مشفوعاً بتلك الابتسامة الساخرة «لا»، يقول الرجل. فهو لن يأخذ ركابه إلى دمشق ولم يغيّر خطّ سيره بين مدينة صيدا ومنطقة عبرا، ولكنّ نداءه الطارئ كان تعبيراً عن سخريته من الأخبار المتداولة والمتسارعة بشأن الزيارات المرتقبة لبعض السياسيين اللبنانيين إلى العاصمة السورية للقاء القيادات السياسية السورية، حتى ما قبل وفاة شقيق الرئيس السوري الأصغر مجد الأسد. يسخر حمزة من تصرفات أولئك المسؤولين الذين تُسمع أسماؤهم في نشرات الأخبار كمرشحين لـ«الزيارة»، وخصوصاً «اللي طوشونا طيلة خمس سنوات بمقولة أطماع المحور السوري ـــــ الإيراني بلبنان».
حمزة، الذي يعاني مثل غيره من السائقين العموميين من الارتفاع الجنوني في أسعار المحروقات، قضى أمسه في ساحة الشهداء في صيدا «بتلطيش الرايح والجاي»، وكان ملاحظاً ارتفاع منسوب «تلطيشاته» عندما كان يرى أي شخص أو مسؤول محسوباً على تيارات 14 آذار. تفيض قريحة الرجل عند رؤيتهم، فيبدأ بالغناء «يا مال الشام يالله يا مالو ... طال المطال يا شاطرين تعالوا». المضحك أكثر من تعليقات حمزة السياسية، أن هؤلاء حين كانوا يسمعون تعليقاته، كانوا يغذّون الخطى «هرباً» على ذمته، كما فعل أحد المسؤولين «المحليين الكبار الذي رأيناه بأم العين أثناء وقوفنا إلى جانبه». وفيما كان حمزة «طالع طلعتو»، يبدأ زميله على خط صيدا ـــــ عبرا بتعليقاته هو أيضاً، فيخلص إلى أن «وفاة شقيق الرئيس السوري مجد الأسد جاءت بالنسبة إلى بعض اللبنانيين أشبه برمية من غير رامٍ، فهؤلاء لن يترددوا في زيارة دمشق تحت عنوان تقديم واجب التعزية وتبييض صفحتهم». يردّ ثالث «إيه، مصائب قوم عند قوم فوائد، مات مجد الأسد فتحوا عنّا على سوريا».
هكذا يبدو المشهد في الشارع الصيداوي بعد شيوع أخبار الزيارات المرتقبة لبعض المسؤولين إلى العاصمة السورية. «إلى سوريا نعم!»، عبارة خطت مع العلم السوري على ملصقات وبروشورات تتحدث عن السرعة في تحويل الأموال.
تعليقات ونكات وطرائف. وها هو بائع أوراق اليانصيب محمد فرج يعلّق على الوضع السائد في شوارع المدينة قائلاً «يللا، بلشت النميمة والتنكيت». ثم يبدأ هو بأول تعليق، فيشبّه حظ المسؤولين اللبنانيين بلقاء الرئيس السوري بأوراق اليانصيب التي يحملها. «يفلفش» فيها ويقول «منهم من سيفوز بالجائزة الكبرى، وبعضهم قد يحصل على جائزة ترضية، بس العترة عللي رح يرجع خسران».
الأمانة العامة لـ 14 آذار قررت فتح مركزها الرئيسي في شارع أبو رمانة السوري