ضحى شمس
هو عربي فلسطيني؟ لا شك، ويهودي أيضاً. هذه الازدواجية في هوية السيد المسيح الأصلية، منظوراً إليها من زاوية الصراع العربي الإسرائيلي على فلسطين، أرض ميلاده واستشهاده، تبدو شائكة للمطالبين بإعادته إلينا بعدما صادره الغرب محولاً إياه «فتى أول» هوليوودي الملامح، وسلعة تباع «أكسسواراتها» في أسواق أوسع بكثير من تلك التي دمرها في الهيكل. باختصار، إلى «مواطن» أميركي تحديداً، يكاد، بشيء من المبالغة، يصوّت لبوش (لا أوباما) ويتبنى وصف الفلسطينيين، أهله، بالإرهابيين!

والمسيح استشهد في فلسطين في مواجهة مع المحتل الروماني، ومن اجل الفقراء والضعفاء أفقراء كانوا ام نساء مهمشات. وهو، قبل غاندي بكثير، قاوم باللاعنف، حتى الصلب. معطياً في استشهاده، المثال على المقاومة حتى النهاية من أجل مبادئنا.
ونحن، وإن كنا نتفهم استيلاد «نسخ» من يسوع، منوّعة الملامح تنوّع الشعوب التي تؤمن به، فكان مسيح افريقي اسود وفيليبيني مشروط العينين، واثيوبي مجعد الشعر ، إلا أن تحولات المسيح الأشقر الأميركي تحديداً، لا تبدو بهذه البراءة. هكذا، استُبدل النبي الثائر على الظلم، بآخر أقرب الى الخنوع، يكاد يكتفي من تعاليمه بإدارة خده الأيسر. داعية «محبة وسلام» بين شعوب متساوية في ذنوبها وواجبها بالغفران.
هذا «التغريب المسيس» رافقه استبدال تام للرموز العربية: من الشجرة، إلى بابا نويل قاهر قلوب الفقراء، وصولاً لحبش العيد بدلاً من زلابية جرودنا وقمحها المسلوق مروراً حتى بـ«الهاشلة بربارة» المستبدلة بأقنعة هالووين المرعبة بسخافتها.
لهذا وغيره مما لا يتسع المقام لتناوله، اخترنا أن نحتفل بميلادنا، شرقاً. طارحين أسئلة حول سلوكيات نقوم بها ب»بديهية»، بهدف أن نستعيد، مسلمين أو مسيحيين، جزءاً عزيزاً من هويتنا العربية: المسيح الذي استشهد لتحرير شعبه من المحتل، رومان الأمس، أو إسرائيل اليوم.