صيدا ــ خالد الغربيلا يتوقف العمال السوريون في منطقة صيدا كثيراً عند حادث إطلاق النار على الحافلة السورية في دير عمار في الشمال، حيث قُتل أحد زملائهم. فالحادث باعتقاد هؤلاء يبقى عابراً، سواء أكانت دوافعه فردية أم تستهدف المصالحة بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري. الأهم، كما يقول بعضهم لـ«الأخبار»، أن «الصفحة الجديدة ستطوي الصفحة السوداء، وخمس سنوات من القتل والاضطهاد والتنكيل بنا».
يقول أحمد الهبري، العامل السوري في أحد بساتين الليمون في صيدا: «لن نعامل بعد اليوم كمجرمين أو متّهمين، ودمنا لن يكون مستباحاً». يضيف: «المصالحة الأخيرة بين الأسد والحريري وضعت الأمور في نصابها، لذا لن نكون مكسر عصا لأيٍّ كان».
وكان عشرات العمال السوريين قد انتقلوا بُعيد اغتيال الحريري من ساحة النجمة وسط صيدا إلى دوّار حارة صيدا. وتردّد آنذاك أنّ أسباباً نفسية تكمن وراء تموضعهم الجديد، باعتبار أنّ حركة أمل تسيطر على المكان هناك، وجمهورها غير معاد للسوريين. لكن بعض العمال، ومنهم مصطفى الحسامي، ينفون هذه المقولة، مؤكّدين أنّ سبب الانتقال هو أن الدوّار نقطة استراتيجية لعبور الشاحنات المحمّلة بالمواد الأولية والبضائع، التي تحتاج إلى عمال لإفراغها. هنا، عند مدخل حارة صيدا، ترتسم علامات الارتياح على وجوه العمال. يتحمّس أحمد المصطفى (32 عاماً) للحديث عن المصالحة، التي «سنكون أول المستفيدين منها، فزمن التشفّي والانتقام ولّى إلى غير رجعة». أما حاتم العلي (26 عاماً)، فيخبر أنه بدأ يلمس دلالات انفراج في العلاقات، ومنها «عتّلت أثاثاً لمنزل كبير يضع أصحابه صوراً للمرحوم الحريري، وصاحبة المنزل أكرمتنا كثيراً، وقدّمت إلينا العصير والشاي، ومازحتنا بقولها فاجأناكم مو؟، مردفةً انكسر الشر وكلنا إخوة».
هكذا، فتح مؤيّدو تيار الحريري أبوابهم مجدداً أمام العمال السوريين. يؤكد ذلك بقوة نزلاء دوّار الحارة، فيقول أحدهم، أبو نصوح: «أدت العنصرية التي مورست ضدنا، كعمال لا علاقة لنا بالسياسة، إلى نظرة ازدراء من بعض اللبنانيين تجاهنا، وتبخيسنا وعدم الاستعانة بيدنا العاملة، وفرضت فئة واسعة حصاراً ومقاطعة علينا». أما اليوم، فقد «عادت المياه إلى مجاريها، وأسقطت فئة واسعة من اللبنانيين تلك المقاطعة». ويتمنى أبو نصوح مواصلة السير في تعزيز العلاقات الأخوية بين لبنان وسوريا، قائلاً: «ما بيصح إلّا الصحيح، ويا مغيّر الأحوال، كيف تخاصمنا وكيف تصالحنا». أحد العمال يتوقّع أن يُعاد رفع صور الرئيس بشار الأسد في أكثر من منطقة لبنانية.