يحتاج عدد كبير من تلامذة القرى إلى مساعدة في المنزل لإنجاز فروضهم، ما يكبّد الأهل أعباءً مادية إضافية، بينما يتيح لطلاب الجامعات فرص عمل
زينب صالح
«اشتريت أثاث منزلي بالتقسيط، 200 دولار شهرياً»، تقول زينب، التي تعيل والدتها العجوز. لا تعمل زينب في وظيفة محددة، بل تتعامل مع أربعة تلامذة، تتقاضى شهرياً مئة دولار عن إعطاء كل منهم درساً خصوصياً لساعتين يومياً، شارحة كيف «يعتمد قسم كبير منا نحن الشباب على هذا الأمر». ففي القرى، حيث لم يتلق الكثيرون من الأهالي المنتمين إلى الأجيال السابقة تعليماً عالياً، يحتاج الأبناء إلى مساعدة متخصص لإنجاز فروضهم، ويتفاوت «المعاش» بين الأساتذة، إذ يعتمد على القدرة الماديّة للأهل وعلى المستوى الأكاديمي للأستاذ، إضافة إلى صلة القربى بينه وبين أهل التلميذ الذين قد «يسايرهم» في السعر. فزينب، ابنة عيتا الشعب، تراعي الوضع المادي الحرج لأهالي قريتها فتخفض قيمة بدلاتها. ومريم، من قرية سحمر البقاعية، ساعدت علا أثناء استعدادها للامتحانات الرسمية، في مادة الرياضيات، مقابل 50 ألف ليرة لبنانية «لأنها قريبتي ووضعها المادي صعب».
في المقابل، يتقاضى مازن، مثلاً، من قرية يارون الجنوبية، 20 دولاراً مقابل ساعة واحدة في بيت التلميذ، لأنه حائز شهادة من الولايات المتحدة الأميركية و«وضع أهالي المنطقة ميسور لأن أغلب آباء تلامذتي من المغتربين الميسورين». فإعطاء الدروس الخصوصية يعد «نافذة أمل» لدى طلاب الجامعات، تخفف من اتكالهم على الأهل في تأمين المصروف وتسديد القسط الجامعي من جهة، ويولّد، من جهة أخرى «روح الاستقلالية لدينا»، كما تقول إنصاف، التي تعطي دروساً «مذ كنت في سنتي الأولى في الجامعة». إلا أن هناك اموراً تعوق فرصة «الاسترزاق» لدى الطلاب، وخاصة الفتيات منهم، كالأهل الذين لا يسمحون لابنتهم بالذهاب الى بيوت «الغرباء». والد فاطمة من هؤلاء، لا يسمح لابنته بدخول بيوت غريبة لتحصيل «200 ألف بالشهر مش رح يغنونا». في هذا السياق، يختلف نوع العوائق بين الطالبة والطالب، الذي يواجه «صعوبة واحدة هي أمي التي تخاف أن يؤثر التعليم على تحصيلي الجامعي»، يقول أيمن.
ولا يقتصر إعطاء الدروس الخصوصية على طلاب لم ينهوا تعليمهم الجامعي بعد، فهناك بعض المتخرّجين الذين يفضلون امتهانه بدل التفرغ للتعليم في مدرسة، مثل فاتن، التي لديها «عشرة طلاب يأتون الي بيتي، وأساعدهم في دراستهم، وفي النهاية، أتقاضى الراتب ذاته الذي يتقاضاه زملائي الذين تخرجوا ويتفرغون للتدريس في المدارس، مع ما يستتبعه تفرغهم من واجبات إضافية كتحضير الدروس اليومية وتصحيح الامتحانات وحضور اجتماعات الأهل، وما إلى هنالك من واجبات أخرى». ولا تقتصر الحاجة إلى المدرّس الخصوصي على تلامذة المدارس الرسمية فحسب، فحتى تلامذة المدارس الخاصة قد يحتاجون إليه، وذلك بسبب امور كثيرة منها التأخر الدراسي وعدم الاهتمام الكافي بالتلميذ في المدرسة، نتيجة الاكتظاظ، وعدم قدرة الأهل أنفسهم على تعليمه بسبب مستواهم الأكاديمي المتواضع او قلة أوقات فراغهم. كذلك، لا يقتصر التعليم على طلاب الجامعات والمتخرجين، بل يشمل تلامذة المدارس الذين يعطون الدروس لزملائهم في الصفوف الأدنى.