البقاع ــ أسامة القادرييحاصر الخوف أهالي بلدة بوارج البقاعية، وخصوصاً القاطنين في المنطقة المنحدرة، المرتعبين من خطر السيول التي تجرف في طريقها الصخور والأتربة من الأعالي. رعب موسمي يتجدّد كل شتاء، مع اشتداد العواصف، فهؤلاء القاطنون أسفل تلّة من الصخور قابلة مع كل عاصفة لرمي أتربتها فوق المنازل لا يجدون من يحميهم من الموت بسبب الإهمال، وأصحاب البيوت لا يحتاجون إلى أكثر من التفاتة رسمية، تتمثّل في إنشاء «جدران الدعم» عند الجهة الغربية المرتفعة، منعاً لانهيار الصخور فوق منازلهم.. أو فوق رؤوسهم.
ليست العوامل الطبيعية وحدها ما يمثّل خطراً على أبناء تلك المنطقة، فثمة ما يسهم في رفع منسوب هذا الخطر، وهو تعديات المواطنين على مجرى «النهر الشتوي»، حيث استخدموه لبناء منازلهم، ما أسهم في تخريب العبّارة وتحويل خط سير المياه. تعديات كان من شأنها تسلل المياه إلى التلال وتفتيت التربة وجرف الصخور نحو الطريق الرئيسية للبلدة. وقد ازدادت الأزمة سوءاً مع العاصفة الأخيرة، حيث أدى انجراف الصخور إلى سدّ الطريق ثلاثة أيام.
مشهد يتكرّر مع كلّ عاصفة، وتتكرّر معه مأساة الأهالي وخوفهم من «الموت بصخرة»، كما تقول نجلاء جابر، صاحبة أحد المنازل في المنطقة السفلية. تلعن جابر تغاضي المسؤولين عن واجباتهم تجاه المناطق الجبلية، فهذه السيّدة لم تنجُ من السيول الأخيرة، حيث غرق منزلها بالمياه والوحول والحصى. ولئن مرّت «هذه المرة على خير، فالصخور اللي نزلت كانت صغيرة وهدّت ورا الحيطان»، إلّا أنه في المرّة المقبلة «لا ندري قد تسقط صخرة كبيرة، وعندها ماذا نفعل؟».
يتخوف جار نجلاء، محمد جابر، من ازدياد الانهيارات مع اشتداد العواصف «في الأماكن التي أقدم المواطنون فيها على أعمال بناء دون رفع حيطان دعم». فهنا، لا جدران دعم ولا مسارب للمياه التي تنحدر بقوة على التلة.
تعيد الانهيارات التي تحدّث عنها محمد جابر، الرجل السبعيني، جميل جابر، إلى ذكرى «الانهيار الكبير الذي حدث في الستينات، عندما هوت الصخور الضخمة على المنازل، وكانت سبباً في تخريب جامع البلدة». يتذكّر السبعيني «ذلك اليوم الذي بدأ معه خوف أهالي بوارج ولا يزال».