عيترون ــ داني الأمين قبل سنوات قليلة، كان مجرد التفكير بنادٍ للمسنّين في قرية مثل عيترون نذير شؤم لكبار السن هناك، فهؤلاء كانوا يتخوفون من أن يكون المكان لعزلهم عن أهل الضيعة. إلا أن الوضع اليوم تغير. هكذا يقول إبراهيم منصور (85 عاماً) «كنا نرفض استحداث أي مكان يجعلنا نشعر بالعجز وقلّة الحيلة»، أما اليوم، فقد بات الرجل مقتنعاً بأنّ «التجمع في ساحة البلدة لم يعد يناسب عمرنا». ثم يعزّي نفسه بالقول «إنّ البلدة توسعت وضاقت بها ساحاتها».
هكذا، أصبح نادي المسنّين في عيترون مقصد 30 مسنّاً في البلدة، يجتمعون فيه صباحاً ومساءً، بعيداً عن أعين المارّة وضجيج السيارات. هناك ينتظرون بعضهم بعضاً فتطول الأحاديث عن تاريخ البلدة ونمط الحياة السابق فيها. و«إذا غاب أحدنا بداعي المرض تجدنا نذهب إليه جميعنا بعفوية»، يقول مراد مراد (85 سنة). ويردف: «الجميع هنا ملتزم بالمجيء إلى النادي منذ الثامنة صباحاً، لكنّ عددنا يتناقص كلما توفيّ أحد منّا».
أما عبد الحسن السيد حسن (78 عاماً) فلديه اعتبارات أخرى لارتياد النادي «حمانا من برد الشتاء، فقد كنّا نضطرّ أحياناً إلى الجلوس في الشارع، هرباً من المنزل». هنا، ينتقد كيف كان «البعض يلومنا لجلوسنا على الطرقات بسبب اعتراض بعض النساء على ذلك».
يحاول المسنّون خلال جلساتهم الطويلة الابتعاد عن الأحاديث السياسية، فيقول منصور: «نركز على الكلام المفرح الذي يبعدنا عن الملل ويذّكرنا بأيام زمان».
يحلّ آذان الظهر. يتأهب الجميع لترك النادي لإقامة الصلاة في المسجد المجاور. يتناولون طعام الغداء في المنزل ليعودوا إلى النادي مجدداً قرابة الثالثة عصراً، فيبقون هناك حتى موعد آذان المغرب.

كنا نرفض استحداث أيّ مكان يجعلنا نشعر بالعجز وقلّة الحيلة

يشرح رئيس البلدية سليم مراد أنّ البلدية افتتحت نادي المسنّين قبل حرب تموز بأسبوع واحد. ثم أعادت ترميم الجزء المتضرر منه نتيجة الحرب، بالتعاون مع دولة الإمارات وجمعية البيئة للتنمية والإنسان. المكان جهّز، كما يقول مراد، بما يلزم من تلفزيون وبرّاد ماء وعدد من الألعاب الخاصة بكبار السنّ، وفاءً لهؤلاء الذين قدّموا الكثير عندما كانوا قادرين على العطاء والعمل، فجلوسهم على الطرقات ليس أمراً محبّباً، ومن واجبنا تأمين البديل لهم الذي يجمعهم ويحضنهم ويؤمن لهم القدر الممكن من الرفاهية».
اليوم، لن يسهر مسنّو المنطقة في ناديهم، لأسباب عدة: فسهرة رأس السنة يقضونها عادة مع العائلة، إضافة إلى أن الوقت وقت عاشوراء، وإن حلّ العيد بعد «الفلة» ببضعة أيام، إلا أن عادات المنطقة تفرض ذلك. لكن أعضاء النادي يتطلعون إلى الربيع المقبل حيث إن البلدية وعدتهم بنشاطات كثيرة.