البارد ــ إيلي حناأغرقت الأمطار الغزيرة المتساقطة في اليومين الماضيين فلسطينيّي مخيم نهر البارد في خندق جديد من البؤس. هكذا، سبحت غرف الباراكسات التي يقطنونها “مؤقتاً” بمياه لم تردعها قشرة الباطون التي صُبّت في الصيف. عائلات أم محمود رزوق وأم صالح عكاوي وعلي ذياب الذين التقيناهم كانوا مجرد عينة لسكان نزحوا قسراً ليبيتوا ليلتهم عند جيرانهم بسبب المياه التي أغرقت أرضهم وفرشهم. إذاً طغت تداعيات “الغضب الرباني” على الطلبات التي أعدتها لجان النازحين لمجيء المدير العام للأونروا سلفاتوري لومباردو المتوقع اليوم، لكنه مجرد تغيير بسيط: فبدلاً من أن يسمع، هو سيرى ما يحصل بأمّ العين.
تشابهت مطالب اللجان في جميع القطاعات، فاتسعت مروحتها من أبسط الأمور اليومية إلى الطبابة والبطالة. يذكر محمد شعبان، مسؤول اللجنة في قطاع الباراكسات الخامس، بعض المشاكل غير الموجودة في القطاعات الأخرى على حدّ قوله، ففي قطاعه يحصل جزء من النازحين على 4 أمبير من كهرباء الدولة، فيما غيرهم يصله 6 امبير. يضيف أبو عاطف مسألة خطر سقوط الأشجار المترنّحة الكبيرة المحاذية لبعض البيوت، ومسألة تأمين باص لانتقال التلاميذ الصغار إلى المدرسة المجاورة بسبب سلوكهم طريقاً فرعية تسبّب غوصهم في الوحل حتى الركبتين. ويعدّد عبد المجيد لوباني، وهو عضو من لجنة النازحين المصغّرة، المسؤولة أمام الأونروا وغيرها، مشاكل المخيم. “الكهربا أولا”، بصوت عال يقولها أبو أنيس فهي تأتي ساعتين نهاراً وستّ ساعات ليلاً، مضيفاً، “كيف نتدفأ؟ كيف يدرس أولادنا؟ بيوتنا صالحة لتربية الدواجن لا أكثر ولا أقلّ”.

طغت تداعيات «الغضب الرباني» على الطلبات التي أعدتها لجان النازحين

ويسترسل أبو أنيس، الذي يؤكد أن صوته سوف يرتفع في لقاء اليوم، أن الأونروا حدّدت للفلسطينيين كيف يعيشون ولم يبقَِ سوى إرسال نموذج تعليمي لكيفية الأكل والشرب! يسترسل لوباني دقائق طويلة بالكلام عمّا عدّه “فساداً داخل الأونروا”، ونهب المتعهدين والمقاولين المنظّم بالاتفاق مع بعض الموظفين، وصولاً إلى المحسوبيات في التوظيف. فيروي كلاماً عن دخول 3 إخوة دفعة واحدة في وظائف الأونروا. يعيد سؤال أحد جيرانه عن وضع امرأته الصحي ليتذكر مطلب توفير الرعاية الصحية السليمة “لا درجة خامسة في المستشفيات، وانتظار أيام أمام باب الطوارئ”. يحجز عدنان داوود مقعداًً إلى جانب زميله في اللجنة، مضيفاً طلب التعاقد مع صيدلية داخل البارد بدل مخيم البداوي، وإيجاد مكان لتوزيع الإعاشة الشهرية بدل إيقاف الناس طوابير على الطرقات. تكبر سلّة المطالب لتزيد اقتراح رش مبيدات للأفاعي والحشرات وإلغاء الإعاشة واستبدالها بمبالغ مالية. تتشعب الاقتراحات منذرةً باجتماع صاخب غداً، قد لا يعوّل عليه كثيرون، لكن الجميع متفّق أن لا باب يُدّق سوى باب الأونروا.