يمثل الصحافي سيمون أبو فاضل، اليوم، أمام القاضي سمير حمود، بسبب ما أدلى أول من أمس، في حق رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وذلك خلال برنامج “ما قبل الأخبار”. وتعدّ هذه الدعوى الأولى من نوعها في عهد الرئيس الجمهورية الحالي، كما تعيد فتح ملف العلاقة بين القضاء والصحافة
بيسان طي
“إحالة ملف أو قضية صحافي أمام محكمة المطبوعات”، العبارة ليست جديدة، عمرها من عمر الصحافة اللبنانية. ورغم أن وتيرة الأحكام والقضايا المرفوعة ضد أبناء “السلطة الرابعة” تخبو أحياناً، فإن تلك الأحكام، شهدت تزايداً واضحاً في الفترة الأخيرة. ازدادت التحقيقات في قضايا مرفوعة ضد صحافيين، أو صدرت أحكام في حقّ بعض منهم. ويرى متابعون أن هذه الظاهرة تمثّل انعكاساً للانقسام السياسي الحاد في لبنان، والجدل المرافق له. وفي هذا الإطار، طلب النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، أمس، ملاحقة الصحافي سيمون أبو فاضل، وذلك بسبب ما أدلى به أول من أمس في حق رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وذلك خلال برنامج “ما قبل الأخبار” في محطة تلفزيون “أم.تي.في”، وأحال القاضي ميرزا الطلب على المحامي العام التمييزي القاضي سمير حمود، ويُستمع اليوم إلى إفادة أبي فاضل. ويوم الثلثاء الماضي، أحال قاضي التحقيق في بيروت، سامي صدقي، المدير المسؤول في “صحيفة المستقبل” توفيق خطاب، وأيمن شرّوف وعبد السلام موسى، على المساءلة أمام محكمة المطبوعات للمحاكمة بجرم الذم بحقّ اللواء جميل السيد في دعواه ضدهم، وذلك في قرار ظنّي أصدره بحقّهم.
وكانت محكمة المطبوعات برئاسة القاضي روكز رزق قد أصدرت في 21 تشرين الأول الماضي، حكمين في دعويَي رئيس مجلس شورى الدولة، القاضي شكري صادر على كلّ من غادة ماروني عيد، وشركة تلفزيون “الجديد”، ممثلةً برئيس مجلس إدارتها المدير العام محمد تحسين خياط، في جرم الذمّ به من خلال برنامج “الفساد”، وقضى كلّ من الحكمين بسجن عيد ثلاثة أشهر، وتغريمها عشرين مليون ليرة، وسجن مريم البسّام ثلاثة أشهر وتغريمها المبلغ نفسه، وإلزامهما بالتكامل والتضامن مع خياط دفع مبلغ 30 مليون ليرة تعويضاً شخصياً للقاضي صادر. وأصدرت المحكمة أيضاً حكماً قضى بتغريم كلّ من صاحب جريدة “الديار” شارل أيوب، والمدير المسؤول يوسف الحويك 50 مليون ليرة في دعوى المسقط سعد الدين الحريري، في جرم القدح والذم، ونشر أخبار كاذبة، وتهديد السلامة العامة.
وبالنسبة إلى الدعاوى الأخيرة، فإنّ أبو فاضل يتحدّث باقتضاب، ولكنه يبدو حائراً. يروي أن “تحرياً اتصل بي (أمس) وقال لي عليك الحضور عند الساعة التاسعة صباحاً عند القاضي سمير حمود، ثم أقفل الخط”، يضيف أبو فاضل إنه لم يبلّغ “مضمون الدعوى المرفوعة، لا أعرف عن أية جملة أو عبارة”، مؤكداً أنه سيسأل اليوم أمام المحكمة عن الموجبات القانونية لتوقيفه. بدا أبو فاضل غير راغب في تسليط الكثير من الضوء على الأمر، لكنه قال “من المفترض أن يجري التبليغ وفق الأصول، لا عبر الهاتف دون إبلاغي كل ما يتعلق بالموضوع، هذا تصرف يذكّرنا بالزمن الأمني السابق”، ولكن أبو فاضل أكد أنه سيحضر اليوم أمام القاضي، وأن كلامه لم يتضمّن أية مؤامرة أو إساءة.
وفي صحيفة “المستقبل”، كتب الزميلان أيمن شرّوف وعبد السلام موسى تحقيقاً حمل عنوان “8 آذار تقترع لجميل السيد وعلي الحاج”، سبّب ملاحقتهما من القضاء. أكد أيمن أن النص “لا يتضمن قدحاً وذماً في حق اللواء السيد”، وأضاف إن مشكلة الصحافيين لا تتمثّل في المثول أمام القضاء “بل في غياب هيكلية تنظيمية حقيقية تدافع عن الصحافيين، لا وجود لمن يُطالب بحق المنتمي إلى هذه المهنة”.


أين نقابة المحررين؟

أين النقابة؟ سؤال يُطرح كلما تعرّض صحافيون لطرد من مؤسسة إعلامية، أو إذا استُدعي صحافي ليمثل أمام القضاء. ويبطّن السؤال إقراراً بالهوّة التي باتت تفصل بين المحررين والنقابة، وخصوصاً أن أصواتاً بدأت تتصاعد في الآونة الأخيرة، لتدعو إلى ضرورة إيجاد هيكلية تنظيميّة جديدة تحمي الصحافيين، وتتابع نشاطاتهم، وتعرف همومهم، وتسعى إلى المطالبة بسنّ قوانين جديدة تتلاءم مع تطوّر أدوات النشر، وتكفل احترام التعددية وحرية الرأي. ومن جهة ثانية، يحتدم الجدل في تعريف الخط الرفيع الذي يفصل بين إبداء الرأي والإساءة إلى الآخرين، وهو نقاش يرتكز على عدة مجالات، منها الثقافي والاجتماعي والقانوني، ومنها العلاقة بين السياسيّين والصحافيين، وكيف ينظر المجتمع بمختلف فئاته إلى مهنة الصحافة، أو الإعلام ودوره.