strong>اعتقل القضاء اللبناني المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد لنحو أربعة أعوام بناءً على معلومات تبيّن لاحقاً أن مصدرها شهود زور. ترفض المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري التحقيق مع شهود الزّور، ما يدفع السيد إلى الردّ «أطلب من رئيس المحكمة الدولية القاضي أنطونيو كاسيزي استدعائي ليستمع إلى إفادتي كضحية من ضحايا جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري»! بهذا الإعلان اللافت، بدأ اللواء الركن جميل السيد حديثه مع «الأخبار» أمس الذي جاء بهدف التعقيب على توضيحات المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بخصوص التعديلات الأخيرة التي أدخلها القضاة على قواعدها.
«لا يجوز للمحكمة أن تتصرف كمجموعة تريد أن تحمي نفسها مسبقاً، إذ إن بعض التعديلات التي أدخلت على قواعد الإجراءات والأدلة لا تليق بسلوكها كمحكمة» قال اللواء، إذ شملت تلك التعديلات قاعدة تعرّض كلّ من «يحقّر» المحكمة للملاحقة القضائية، كما شملت قاعدة أخرى تمنع ملاحقة الذين تقدموا بشهادات زور إلى التحقيق الدولي في قضية انفجار 14 شباط 2005.
علّق السيد على التعديلات بالقول إن «ما فعلته المحكمة تبرئة سياسية للقضاء اللبناني وحماية لشهود الزور». وتابع «أنا وأفراد عائلتي من ضحايا الانفجار، إذ إنني احتجزت في السجن لنحو 4 سنوات بناءً على شهادات زور، لا حقوق لي أمام المحكمة الدولية صاحبة الاختصاص الحصري في جريمة اغتيال الرئيس الحريري؟» يسأل المدير العام السابق للأمن العام.
السيد مستعدّ لمواجهة القضاة أمام المحكمة، لا بل إنه مستعد لأن يخضع لآلة كشف الكذب
يذكر في هذا الإطار أن رئيس لجنة التحقيق الدولية الأخير الكندي دانيال بلمار (الذي يشغل اليوم مركز المدعي العام الدولي في المحكمة) كما زميله البلجيكي سيرج براميرتس الذي سبقه في رئاسة اللجنة كانا قد أرسلا إلى المحقق العدلي والمدعي العام اللبنانيين رأيهما بشأن الاستمرار باعتقال الضباط الأربعة (اللواءين جميل السيد وعلى الحاج، والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان) وآخرين، وذلك بحسب ما ورد في تقارير اللجنة إلى مجلس الأمن الدولي. لكن القضاء اللبناني لم يعلن مضمون ذلك الرأي الذي تبين بعد صدور أمر قاضي الإجراءات التمهيدية بفكّ احتجاز الضباط بأنه كان لمصلحة إطلاق سراحهم. وبالتالي «أصرّ القاضي سعيد ميرزا على استمرار توقيفنا ولم يستطع بلمار إخراجنا» بحسب السيّد.
ورداً على مقولة أن لا علاقة للمحكمة الدولية بكلّ ما جرى خلال الفترة التي سبقت انطلاق عملها في مطلع آذار الفائت، شدّد السيد: «ملفّي عند المحكمة لأن القاضي ميرزا لم يفرج عني»، وسأل: «ماذا لو تبيّن أن الشهود ليسوا شهود زور وأن ما قالوه عني صحيح، ألا توقفني المحكمة؟».
وشرح اللواء أنه «بين الأول من آذار تاريخ انطلاق عمل المحكمة الدولية وبين 29 نيسان يوم أمر قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين بإخلاء سبيلنا من دون شروط، نحو شهرين، كنا فيه معتقلين في عهدة المحكمة الدولية وباسمها، وبالتالي فقضيتنا مع شهود الزور من اختصاصها». وكانت المحكمة الدولية قد طلبت من السلطات اللبنانية الاستمرار باحتجاز الضباط الأربعة لحين بتّها في قضيتهم وذلك بعدما سحب القضاء اللبناني مذكرات توقيفهم، ما يعني فعلاً أن الضباط كانوا لفترة من الزمن محتجزين في عهدة المحكمة الدولية.
على أي حال، أضاف السيد «أن تصديق الصديق يقابله اعتقال السيد، بينما صدقية السيد لا يقابلها اعتقال الصديق أو حتى التحقيق معه، وهذا دليل على لعبة سياسية». ويذكّر السيد «بأن المحكمة تنفذ القانون اللبناني وهو يتيح محاكمة شهود الزور ولا يجوز أن تنفّذ من القانون اللبناني ما يروق بعض القضاة فقط». ثمّ التفت المدير السابق للأمن العام يميناً ويساراً وسأل: «هل يوجد تحقيق دولي في العالم فيه عشرة شهود زور؟ ألا يدعو ذلك إلى الشك؟».
وتحدّث السيّد عن شؤون تستدعي انتباه المحكمة، ومنها أن القاضية جوسلين تابت، التي عُيّنت نائبة للمدعي العام دانيال بلمار كانت اليد اليمنى للقاضي سعيد ميرزا «الذي رعى شهود الزور في التحقيق نفسه وكانت قاضية متفرّجة على هذا الواقع، ووصل بها الأمر أنها اتصلت هاتفياً بالمحامي الموكل من قبلي في بداية الاعتقال وأنّبته على تصريحاته الإعلامية لمصلحتي طالبة منه الهدوء والسكون، مثله مثل وكلاء باقي الضباط المعتقلين» بحسب ما قال السيّد. وأضاف السيد أن وكلاءه كانوا قد رفعوا إلى مكتب رئيس الدائرة القانونية في الأمم المتحدة نيكولا ميشال في 7 كانون الثاني 2008 كتاباً أبدوا فيه اعتراضهم المسبق على تعيين القاضيين رياشي وتابت «لأن معلومات توافرت لدينا بأنهما سيكافآن عبر ذلك التعيين على عدم منع الاعتقال التعسفي».
لكن كيف علم السيّد بذلك؟
«كانت وعود سياسية وضغوط عبر القاضي ميرزا. وأنا مسؤول عن كلامي» يجيب السيد بحزم. ويضيف: «يجب إعادة هؤلاء إلى لبنان لأن نزاهة المحكمة مطعون فيها بوجودهم».
(الأخبار)


«شاركوا في التزوير»

يؤكد السيد أن القضاة اللبنانيين في المحكمة الدولية «عيّنتهم سلطة سياسية شاركت في التزوير وجمعت شهود الزور ودافعت عن الاعتقال التعسفي وزوّرت كتاباً رسمياً أرسل إلى الأمم المتحدة في جنيف لإقناعها بالتراجع عن اعتبارها اعتقال الضبّاط وآخرين تعسفياً. ورفض المجلس العالمي لحقوق الإنسان التجاوب مع طلب الحكومة اللبنانية وحمّلها مسؤولية استمرار الاعتقال التعسفي». كذلك أوضح السيد أن المحكمة «تؤمن حماية مسبقة للقاضي رالف رياشي، فيما هو ساهم مباشرة بتنحية قاضي تحقيق مشهود له لمجرّد أن هذا الأخير قرر الإفراج عن بعض الضباط المعتقلين سياسياً». وكانت التهمة التي وجّهت إلى قاضي التحقيق السابق الياس عيد أنه كان يحصل على قسائم محروقات من الأمن العام قبل عامين من اعتقال الضباط.


مواجهة ميرزا

«أنا أتحمّل شخصياً كلّ كلمة قلتها سابقاً ولاحقاً، فلتدَّعِ عليّ المحكمة اذا أرادت» يؤكد اللواء الركن جميل السيد. ويضيف تعليقاً على إدخال القضاة قاعدة على نظام الإجراءات والأدلة تتيح محاكمة كلّ من يحقّر المحكمة وقضاتها أن «المحكمة ليست سلطة تشريع، فهذا تهديد وتخويف غير لائق وهرطقة قانونية».
كذلك يؤكد اللواء أنه مستعدّ لمواجهة القضاة ميرزا ورياشي وتابت أمام المحكمة الدولية، لا بل إنه مستعد لأن يخضع لآلة كشف الكذب. ويقول «إنهم لن يتجرأوا على مواجهتي، فهم يعلمون أنني أقول الحقيقة ويجب أن تعلم المحكمة الدولية الحقيقة الكاملة».