ريتا بولس شهوانأكثر من عامين مرّا على بدء العمل على إنشاء رصيف للمشاة في جونيه من دون أن تخف حدة التعليقات عليه بين معارضيه من أصحاب المحال. فهذا الرصيف مثّل لسنوات طويلة موقفاً عاماً يسهل على المتسوّقين مهمة ركن سياراتهم، عوض البحث عن موقف بعيد ودفع كلفة مالية.
وتتراوح ردود فعل سكان المنطقة وزوّارها بين مؤيّد ومعارض. بالنسبة للمشاة، لم يعد التسوّق مجرد مهمة سريعة يتنقلون فيها بالسيارة بين المحال، بل «أصبح التسوّق يمثّل نوعاً جديداً من الرياضة»، تقول سارة الحج. فيما تؤكد حركة الشارع أن الرصيف تحوّل في بعض أجزاء منه إلى محطة يومية يقصدها عشاق رياضتَي الركض والمشي.
أما بالنسبة لأصحاب المحال، فالوضع مختلف. هم يشكون من تناقص عدد الزبائن الذين لم يعودوا يجدون أمكنة لركن سياراتهم أمام المحال، فيستغنون عن شراء لوازمهم من عندهم.
برأي رندا مقوّم، مديرة قسم المبيعات في مكتبة ملاصقة للرصيف الجديد، «لا يمكن أي زبون أن يركن سيارته في موقف عام ثم يأتي ليشتري جريدة من عندي، لأنه بذلك سيكون قد دفع أربعة آلاف ليرة ثمن الجريدة». مؤكدة تضرّرها من «الرصيف لأنه يمثّل عائقاً أمام زبائن تعوّدوا في السنوات المنصرمة ركن سياراتهم أمام المحل».
ويزيد من حجم الضرر الذي يشكو منه أصحاب المحال، تكليف بلدية جونيه التي أنشأت الرصيف أحد عناصر شرطتها البلدية ملاحقة المخالفين الذين يركنون سياراتهم على الرصيف، وتسجيل محاضر ضبط بحقهم تصل قيمتها إلى 150 ألف ليرة. أحد التجار أكد أن هذا المشروع أثر سلباًً حيث انخفضت نسبة المبيعات لديه نحو 60%!
يمتدّ هذا الرصيف الذي بدأت بلدية جونيه عملية إنشائه، من شارع مدرسة العائلة المقدسة، مروراً بالبريد وانتهاءً بملعب فؤاد شهاب البلدي. والهدف منه حفظ حقوق المشاة وتسهيل تجوّلهم بين المحال، وفق ما يؤكد رئيس البلدية جوان حبيش. يقول: «هذا الرصيف لخدمة المصلحة العامة، ومن حق المشاة السير من دون التعرّض لحوادث دهس».
ورداً على صرخة أصحاب المحال، يرى حبيش أن من واجبهم «تأمين مواقف لزبائنهم، كما أنه لا يفترض أن يكون الموقف ضخماً أمام المحل».
من جهة ثانية «البلدية لها حق استخدام الأماكن العامة، ورصيف المشاة موجود ضمن حدود الأماكن العامة».
لكن أصحاب المحال يبدون غير مقتنعين بالحجج التي يقدمها حبيش، وبعضهم تقدم بطلبات احتجاج إلى البلدية للمطالبة بإيقاف الورشة.
يقول طوني، أحد المتضرّرين، إن البلدية لم تسألهم عن رأيهم في إنشاء «رصيف غير عملي نتيجته خسارة حتمية في الزبائن». وهذا ما دفعه لتقديم اعتراض غايته «إيقاف هذا المشروع أو إعادة النظر به، بما يتلاءم مع مصلحة التجار والزبون، فالأخير هو أيضاً من فئة المشاة التي تدافع البلدية عن مصلحتها العامة» يقول.
اللافت أن الاعتراضات قُبلت من البعض ولوحظ توقف العمل فعلياً أمام بعض المحال، وفق إحدى الموظفات التي رفضت ذكر اسمها، متحدثة عن «اعتراض مدعوم بواسطة». في المقابل، رُفضت طلبات تقدم بها آخرون واستمرّ العمل على إنجاز الرصيف أمام محالّهم.
وبسؤال حبيش عن سبب توقف العمل على إنشاء الرصيف قرب محال دون أخرى، حيث يجري في هذه الأثناء بناء رصيف آخر في أول شارع جونيه، أعاد الأمر إلى شحّ التمويل.
هذا مع العلم أنّ المشروع هو من تمويل بلدية جونيه، كما أكد حبيش متحفظاً عن الإعلان عن كلفته... لأنه نسيها!!