تحتفل «المدرسة العليا للأعمال» (ESA) بمرور أكثر من خمس عشرة سنة على تأسيسها في لبنان. سنوات مر خلالها عدد كبير من الطلاب عليها، استفادوا بنيلهم تعليماً تخصصياً ذا مواصفات أوروبية وعالمية في مجالات المال والأعمال والإدارة، اختصر عليهم عناء السفر لتحصيل العلم
ديما شريف
كان القرار بإنشاء «المدرسة العليا للأعمال» (ESA) في بيروت دولياً، اتخذه الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. الفكرة وجدت طريقها إلى التنفيذ في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، إذ أنشأت الجامعة في عام 1995 لتكون على غرار مدارس الأعمال والإدارة الأوروبية الكبرى، وعهد بها إلى «غرفة تجارة باريس» على أن يرأسها شخصان: السفير الفرنسي في لبنان وحاكم «مصرف لبنان».
هكذا إذاً أصبح للبنان «صرحه الخلاق الجديد» كما يقول مدير الـESA العام ستيفان أتالي الذي التقيناه في مركز المدرسة في كليمنصو. يعتبر أتالي أنّ الهدف الأول من إنشاء المدرسة هو إبقاء الشباب في لبنان لينالوا تعليماً عالياً جيداً عوض السفر إلى الخارج سعياً وراءه. هكذا يستطيع اللبنانيون الاستفادة من وطنهم والحصول على تعليم بمواصفات عالمية. يتابع الطلاب في الـESA صفوفاً في مواد مختلفة ليحصلوا على دبلوم اختصاصي في مواد الأعمال والإدارة والمال على أيدي اختصاصيين من جامعات فرنسا التي ترتبط مع المدرسة باتفاقات توأمة أو تعاون. يرى أتالي أنّ لهذا الأسلوب في التبادل الأكاديمي فائدة مضاعفة، إذ ينال الطالب اللبناني خبرة الأستاذ الفرنسي أو الأوروبي، فيما ينقل هذا الأخير معه إلى بلده أفكاراً وأمثلة عن لبنان، حتى أصبح بعض الطلاب الفرنسيين يدرسون أوضاع بعض الشركات والمؤسسات اللبنانية في جامعاتهم. أصبحت إذاً الـESA مصدراً للخبرات الدولية، وخصوصاً بسبب شراكتها مع غرفتي التجارة في باريس وبيروت.
تستقبل الـESA الطلاب الحاصلين على شهادة ثانوية زائداً ثلاث سنوات جامعية، وتقدم لهم سبعة برامج دراسات عليا يحصلون بعدها على شهادة لبنانية وفرنسية من ESA أوروبا. والبرامج هي: ماستر في الإدارة، ماستر في إدارة الأعمال، ماستر تنفيذي في إدارة الأعمال، ماستر تخصصي في التمويل، ماستر تخصصي في التسويق، ماستر في إدارة المستشفيات والصحة، وماستر في التمويل الإسلامي. هذا الماستر الأخير هو الأجدد بين الاختصاصات التي تقدمها المدرسة واستحدث لمواكبة ما يحصل في عالم الأعمال إسلامياً، كما يقول أتالي. ويؤكد المدير العام أنّه يعنى فقط بالتقنيات المالية الإسلامية ولا يتدخل في الشؤون الدينية، ويتابعه عشرون طالباً حالياً في السنة الثانية له. ويأتي استحداث هذا الاختصاص الجديد سعياً منها لمواكبة التطور الحاصل في عالم الأعمال والمال في العالم الإسلامي.
يدير أتالي المدرسة منذ كانون الثاني 2009. لكنّه عاش في لبنان منذ 2002 حتى 2007 عندما كان مسؤول البرامج التعليمية في الـESA. «عندما طلبوا مني تولي هذا المنصب الجديد لم أمانع أبداً فأنا أحببت لبنان عندما عشت فيه المرة الأولى وكانت فرصة لي للعودة»، يقول. يلخص مهمته كمدير عام بالتجاوب مع متطلبات السوق وتنفيذ ذلك داخل الصرح التعليمي بمعاونة فريق عمل معظمه من متخرجي المدرسة.
تطرح الـESA نفسها صرحاً يقدم تعليماً عالياً مميزاً ومختلفاً عن باقي الجامعات في لبنان، ومكاناً للتبادل الثقافي والحضاري في شتى المجالات حتى خارج اختصاصاتها، ومن هنا مشاركتها في الألعاب الفرنكوفونية التي استضافتها بيروت أخيراً، إلى جانب تنظيمها مؤتمرات عن التدخين والإدمان وحوادث السير ومعارض فنية بعيدة في الظاهر كل البعد عن مهمتها، لكنّها لا تختلف كثيراً عن جوهر هدفها: مساعدة الطالب اللبناني ومساندته.


شهادات مميزة بأسعار معقولة

مرّ على «المدرسة العليا للأعمال» منذ تأسيسها حتى اليوم ما يقارب الألفي طالب، تخرجوا بشهادات مختلفة بمعدل أربعمئة طالب في السنة الدراسية الواحدة. ويعتبر مديرها العام ستيفان أتالي (الصورة) أنّها تجذب الطلاب لنوعية التعليم الذي تمنحه لهم إلى جانب أقساطها الخفيضة نسبياً مقارنة بالجامعات الأخرى في لبنان وخارجه.
إذ يبلغ معدل القسط في السنة الدراسية الواحدة ما بين عشرة آلاف واثني عشر ألف دولار يحصل بموجبها الطالب على شهادة فرنسية مصدقة. ويجري أتالي مقارنة سريعة بين شهادة MBA (ماستر في إدارة الأعمال) الذي تصل تكلفتها إلى ثلاثة عشر ألف دولار وهي الشهادة الأغلى، فيما لا يقل المبلغ الذي يتوجب دفعه مقابلها في فرنسا عن خمسة وأربعين ألف يورو!