أمس، نزل أهالي مخيّم برج البراجنة وجيرانهم في حارة حريك إلى الشارع. عبروا عن سخطهم من غياب الكهرباء 6 أيام متتالية، قبل أن يعاود الجيش فتح الطريق بالتنسيق مع أهالي المخيّم
محمد محسن ــ قاسم س. قاسم
انفجر غضب مخيّم برج البراجنة. خرج فقراؤه عن صمتهم أمس. بعد انقطاع الكهرباء المتواصل، لستة أيام متتالية، انقطع الأمل في نفوسهم من عودتها. شاركهم احتجاجهم جيرانهم من الأحياء المحيطة في منطقة حارة حريك. في المخيّم، معاناة مع غياب دائم للكهرباء، أمّا في المناطق المحيطة، فتقنين قاس، والوضع لا يبشر بالنور أبداً. هكذا، وقرابة منتصف ليل أمس الأوّل، نزل نحو مئة شخص من مخيم برج البراجنة، والمناطق القريبة، إلى الجسر الجديد المحاذي للمخيّم (عند مدخل المخيم من جهة جسر الحازمية). أقفلوا الطريق المجاورة لبيوتهم. أشعلوا الإطارات، وما توافر لديهم من مواد مشتعلة، ومفرقعات، ونفايات. أحرقوا كل ما طالته أيديهم. لم يأبه الشبان لدعوات بعض المارة بالخروج من الشارع على قاعدة أنّ «الدنيا رمضان يا شباب بلا مشاكل». يصرخ معتصم، وتستفز المقولة شاباً آخر، ما دفعه للسؤال: «شو الدنيا رمضان علينا بس؟ ما في رمضان عند جماعة الكهربا يوزعوها بالعدل؟». لم يعد السكان يحتفظون في برادات منازلهم، بشيء من طعامهم وخضارهم. يفتقدون حتى إلى العصير البارد. يجبرون على ابتياعه من خارج المخيم. وكانت النسوة، من أهالي المخيم، قد سبقن الشبان في الاحتجاج، إذ توجه بعضهن إلى منازل مسؤولي الفصائل الفلسطينية، للاستفسار عن الكهرباء. لم يشفِ جواب المسؤولين غليل النسوة. توجهن باتجاه اللجنة الأمنية التي بدورها لم تجد الجواب لأسئلتهن، سوى تقديم الوعود بأن «العطل في شبكة الكهرباء التي تربط المخيم اكتشف وسيجري إصلاحه». الأجوبة لم تقنع أحداً، وتقول إحدى النسوة «صرنا ست ايام على نفس الحكي».
العطل ناجم عن تعطل المحول الرئيس للمخيم
وأنت في مكان «التظاهرة»، تسمع غبناً يشعر به المتظاهرون. ترى الألم واضحاً. فلسطينيون، ولبنانيون، يحتجون على الظلام. يسألون بعفوية تقفز من وجوههم، هل انقرضت الكهرباء من بيوتنا، لأننا نقطن مناطق غير سياحيةّ؟ ولا أجوبة. الساعة الثانية فجراً، وما زال التحرك الشعبي ينبض على الطرق القريبة من المخيّم: السهرة مستمرة على ضوء الإطارات. يأتي عناصر من قوى الأمن الداخلي والدفاع المدني للمكان، يهاجمهم المحتجون بالحجارة وأصابع المفرقعات (ديناميت). يصل خبر الاحتجاج إلى مختلف مناطق المخيم فيأتي الدعم: «حتى اللبنانيين اجوا ولعوا معنا فشّ كهربا يا زلمي» يقول متظاهر منتشياً. دقائق وينتشر خبر سام: «اجى الجيش وسحب شبّ»، يبدأ المحتجون بتخبئة وجوههم. يركض عناصر الجيش باتجاه المعتصمين. يهرب بعض المحتجين باتجاه الأحياء الداخلية للمخيم، بينما يبقى قسم آخر منهم لما رأوا فيه «مواجهةً مفترضة». يتأزم الوضع سريعاً، وخصوصاً بعدما رُميَ عدد من أصابع المفرقعات باتجاه آليات الجيش. يصرخ الضابط المسؤول في الجيش على عناصره، ويطلب منهم عدم الرد على المحتجين «حتى لو أخطأوا». يبدو متعاطفاً مع قضيتهم. هدأت خواطر المحتجين، وتولى مسؤول الأمن المركزي في الجبهة الشعبية ــــ القيادة العامة، أبو راتب، التنسيق مع الجيش. إذاً، وفي الثالثة تقريباً، أعاد الجيش فتح الطريق. ومن داخل المخيم، يؤكد مسؤولو الفصائل ممن تحدثوا للـ«أخبار» أن دوافع التظاهرة عفوية، وهي ناجمة عن أزمة الكهرباء الخانقة. أما في شركة كهرباء لبنان، فأكد مصدر إداري هناك لـ«الأخبار»، أن مشكلة انقطاع الكهرباء في المخيم، ناجمة عن تعطّل المحوّل الرئيس الذي يغذيه بالكهرباء. وبحسب المصدر، فإن إيجاد محول بديل أو إصلاح القديم، يحتاج إلى فترة ستة أيام تقريباً، نظراً لضخامة المحوّل، والمساحة الكبيرة التي يغطيها. لكن، وفي سياق منفصل، رأى المصدر أن العطل ناتج من تكاثر عمليات تعليق الأسلاك على الخطوط العامة وسرقة الكهرباء، واعداً الأهالي بوصول الكهرباء إلى بيوتهم مساء اليوم (أمس).