أسئلة كثيرة طرحها الشباب المشاركون في الملتقى الثالث للشباب الأورو ــ متوسّطي الذي عقد في فندق «لو كريّون» ــ برمانا تحت عنوان «تأثير الأزمة المالية العالمية على مستقبل الشباب». هل يمكن اختصار هذة الأزمة بالبطالة؟ وهل يتأثّر الشاب الأوروبي بالطريقة نفسها التي يتأثر بها العربي؟
بسام القنطار
اختتم الملتقى الثالث للشباب الأورو ـــــ متوسّطي أعماله أوّل من أمس، وصدرت عنه توصيات دعت إلى ضرورة قيام شبكة شبابية أورو ـــــ متوسطية دائمة تتابع قضايا الهجرة والبطالة، والسياسات الاجتماعية ـــــ الاقتصادية المتبعة في إطار الشراكة الأوروبية ـــــ المتوسطية، مع التركيز على ضرورة إعادة النظر في هذه السياسات وأولوياتها من قبل الحكومات والهيئات المعنية.
والملتقى هو أحد أنشطة «منبر المنظمات غير الحكومية الأورو ـــــ متوسطي» الذي يضم منظمات إقليمية ووطنية من ضفتي المتوسط، تهدف إلى تعزيز دور المجتمع المدني في الشراكة الأورو ـــــ متوسطية، وتأسيس حلقة وصل دائمة بينه وبين السلطات الرسمية.
وإن كان الملتقى قد اختار في دورتيه السابقتين مسألتي «النزاعات وبناء السلام» و«البيئة»، فقد تناول في دورته الثالثة «الأزمة الاقتصادية الدولية والشباب في المنطقة الأورو ـــــ متوسطية: مناقشة المضاعفات والمعالجات»، بتمويل من مؤسسة «فريدريش ايبرت ـــــ لبنان». شارك في اللقاء نحو 60 شاباً وشابة من 6 دول عربية و8 دول أوروبية، ناقشوا خلال 4 أيام علاقة الشباب بالأزمة، من زاوية المضمون الاجتماعي والاقتصادي للشراكة وشروط الشباب، تأثير الأزمة على الأهداف التنموية، الأزمة وانعكاسها على مسألة النساء الشابات، العمالة وسياسات العمل، حقوق الشباب وتأثيرات الأزمة على مفاوضات تغيير المناخ.
وحمّل جورج أبي صالح، رئيس المنبر المدني الأورو ـــــ متوسطي في لبنان، الشباب المشارك مسؤولية العمل على إنشاء الشبكة الشبابية الدائمة والتصديق عليها داخل جمعياتهم.
أما سمير فرح، مدير مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، فنوّه بالتبادل الثقافي وتخطّي الحدود فاكتشاف الآخر الذي حققه الملتقى، ما يؤمن كسباً على الصعيد الشخصي والعملي، مشيراً إلى أن الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الشباب فرضت هذا النوع من التعاون.
وعكست الجلسة الختامية للملتقى بعضاً من جوانب النقاش. فسليم الحصري الآتي من رام الله رأى «أن هناك مبالغة في نشر الغسيل العربي أمام الأوروبيين، بينما هناك عناصر قوة نمتلكها، مثل نظام التكافل الأسري، وهذا الأمر غير موجود في أوروبا».
أما فريدا سويدان، الآتية من السويد، فرأت أن الملتقى شكل فرصة مهمة لها للتعارف وتبادل الخبرات. فريدا أنهت لتوّها تخصّصها في السلام وحل النزاعات، لكنها تعتقد أنها تخرجت في الوقت الخطأ لأن من الصعب عليها أن تجد عملاً.
بدورها، رأت كوستاتينا كوستول من اليونان، أن تركيبة العائلة قاسم مشترك يجمع بين بلدها والبلدان العربية، وأن هناك الكثير من المشاكل المشتركة كحرائق الغابات والبطالة والفساد الإداري. وهي باتت مقتنعة أنه بالعمل المشترك يمكن التخفيف من تداعياتها.
أما ميادة عبد الله من لبنان، فرأت أن سعي الشباب اللبناني إلى إنهاء دراساتهم العليا، لن يؤدي بالضرورة إلى توفير فرص عمل أفضل.
وركزت الجلسة الختامية للملتقى على ضرورة نقل تجربة التدريب الإلزامي للطلاب داخل المؤسسات إلى البلدان العربية، وعدم اختصار مشكلة الشباب العربي بالبطالة. وطالبت بضرورة تعزيز القروض الصغيرة التي تمكن الشباب من إنشاء مشاريع استثمارية خاصة، ولا تجعلهم يتّكلون على التوظيف فقط. لكن المشاركين أجمعوا على أنه لا يمكن القيام بإصلاح اقتصادي بدون إصلاح سياسي، وأن غياب الديموقراطية في العالم العربي يفقد أيّ أمل بتخطي الأزمات التي تواجه الشباب.


الشباب الأورو ــ متوسّطي لإنقاذ الكوكب؟

ما العلاقة التي تجمع قضية الأزمة العالمية بمستقبل قضية تغيّر المناخ ومصيرها؟ وما انعكاسهما على عنصر الشباب تحديداً؟ هذه الأسئلة تولّى الإجابة عنها الزميل حبيب معلوف خلال إحدى جلسات المنتدى. وقد رأى معلوف أن الالتزام بمتطلبات التخفيف من الانبعاثات المسبّبة لتغير المناخ تتطلب الكثير من التضحيات في أساليب العيش والرفاهية، وأن هذا الأمر يتطلب استعداد الشباب للتضحية من أجل إنقاذ الكوكب. وطالب بضرورة أن يحمل الشباب الأورو ـــــ متوسطي مطلباً مركزياً في مفاوضات المناخ في كوبنهاغن، يقضي بإخراج التكنولوجيا البديلة من إطار اتفاقيات التجارة العالمية لتصبح ملكاً للجميع، وذلك كتعويض من البلدان الصناعيّة، المسبّبة الرئيسية والتاريخية لتغيّر المناخ.