صيدا ــ خالد الغربيعمل رجال الإطفاء التابعون للدفاع المدني وبلدية صيدا ساعات طويلة أمس لإخماد الحريق الهائل، الذي شبّ في مكب النفايات مساء أول من أمس. وقد نجم عن الحريق تصاعد للدخان المسموم، الذي لوّث هواء المدينة وجوارها، عدا عن الرائحة الخانقة التي سبّبها. وكشفت مصادر بيئية لـ“الأخبار” أن الحريق والدخان المتصاعد منه يعدّان من أخطر الأنواع لأنهما يمثّلان احتراقاً للزئبق المتكوّن من النفايات والمواد المسمّاة ثقيلة، التي ينتج منها عندما تحترق دخان يحتوي على موادّ أغلبها سامّة، إضافةً إلى الغبار والترسّبات، وجميعها تمثّل ضرراً بالغاً على صحة المواطنين، هذا فضلاً عن تأثيرها في البيئة.
حجم الحريق كان يستدعي اهتماماً مختلفاً من المسؤولين
واللافت في الحريق عدم وضوح الأسباب الحقيقية لاندلاعه، وخصوصاً أنه حصل مساءً، ما ينفي احتمال أن يكون ناجماً عن ارتفاع حرارة الشمس، وهذا ما أبقى باب الاحتمالات مفتوحاً على سببه، حتى إن رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري ذهب إلى القول في تصريح له “نحن لا نعلم الأسباب الحقيقية للحريق المختلف عن الحرائق التي واجهناها سابقاً. قد يكون ناجماً عن نوعية النفايات التي تدخل من مناطق أخرى، ويفترض أن لا ترمى في مكبّ صيدا”.
ولوحظ أمس أنه، بينما كانت فرق الإطفاء تواصل جهودها في حصر الحريق، استمرت شاحنات نقل النفايات في عملها كالمعتاد، حيث شوهدت تصعد إلى أعلى قمة المكبّ لإفراغ حمولتها من أطنان النفايات. وأشار عدد من المواطنين القريبة منازلهم أو محالّهم من المكب إلى أن حجم الحريق “كان يستدعي اهتماماً مختلفاً من المسؤولين غير ذلك الذي شهدناه”، مستغربين كيف أن “طريق المكب لم تقطعها القوى الأمنية، كما لم تستقدم معدات متطورة لإخماده” تقول أم محمد اليمن.
اشتعل المكب ليشتعل معه السجال السياسي مجدّداً في صيدا بشأن المكب وأسباب عدم إزالته. فقد سأل رئيس البلدية عن وعد الحكومة اللبنانية بمعالجة المكب، وعن مصير الهبة السعودية، والـ20 مليون دولار التي وعدت الحكومة الصيداويين بها “وهي التي رصدت نحو 40 مليون دولار لمعالجة المكب وردم البحر، وتقول إنها لا تستطيع حل المشكلة قبل 4 أو 5 سنوات، فهل ستتحمل المسؤولية تجاه ما يحدث، وتعمل على إيجاد موقع بديل؟”. في المقابل يتساءل آخرون من أبناء المدينة، غير المؤيّدين للفريق السياسي الذي يمثّله البزري، عن وعد البلدية بإزالة المكب، وعن الهبة التي تعهد الوليد بن طلال دفعها لتمويل عملية إزالته، علماً أن البزري أعلن أمس أن البلدية “تدرس بجدية إمكان إغلاق الموقع الحالي رغم غياب الخيارات الأخرى، وما حدث اليوم وما يمكن أن يحدث في المستقبل هو مثال على مدى خطورة موقع المكب”.