سافر مهندس القرار 1559 الدولي الشهير الذي يدعو إلى نزع سلاح حزب الله إلى لاهاي، وزار مقرّ المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث التقى المدعي العام الدولي. ويبدو أن تيري رود لارسن ذكّر بأن لا تناقض في قرارات مجلس الأمن الدوليقالت أوساط قريبة من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إن المدعي العام دنيال بلمار التقى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن في لاهاي منذ أسابيع قليلة. وجرت خلال الاجتماع عملية تقاطع معلومات تتعلّق بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701 المعطوف على القرار 1559. القرار 1701 الذي صدر في آب 2006 “يؤكد أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية، وفق أحكام القرار 1559 (2004)” (الفقرة 3) ويطلب من “الأمين العام (للأمم المتحدة) أن يقدم تقريراً إلى المجلس في غضون أسبوع واحد من تنفيذ هذا القرار، وبصورة منتظمة بعد ذلك” (الفقرة 17). أوساط بلمار أكّدت أنه حافظ على سرية التحقيقات الجنائية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم الأخرى، التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة إذا ثبت تلازمها مع اغتيال الحريري. وتصرّ تلك الأوساط على التأكيد أن كلّ ما جرى خلال الاجتماع لم يكن إلا عملية تقاطع لبعض المعلومات التي جمعها لارسن أخيراً، تمهيداً لتقديم تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون “بشأن النشاط المسلّح في منطقة جنوب نهر الليطاني”. وقال مسؤول في المحكمة الدولية إنه لا يستبعد “طرح لارسن على بلمار أسئلة تتعلّق بلقائه في قصر العدل في بيروت أحد المسؤولين في حزب الله قبل مغادرته لبنان”.
أوساط بلمار أكّدت أنه حافظ على سرية التحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس الحريري
هذا وكان ضبّاط لبنانيون تواصلوا مع لجنة التحقيق الدولية أثناء تولّي بلمار رئاستها مطلع هذا العام قد أكّدوا لـ“الأخبار” أنه توسّع في التحقيق في قضية ربط محتمل بين شبكة الاتصالات التي كانت مديرية الاستخبارات في الجيش قد اكتشفتها، واشتبهت فيها خلال المراحل الأولى من التحقيق، وشخص قيل إنه مرتبط بحزب الله. وقال أحد المحقّقين يومها إن هذا الشخص “سافر إلى سوريا، ومنها إلى العراق ومن ثم اختفى عن الأنظار”. وقد جمعت جهات أمنية لبنانية معلومات عن المشتبه فيه لكنها “كفّت يدها عن الملف بعد جريمة اغتيال أحد الضباط بعبوّة ناسفة” بحسب قول مسؤول أمني رفيع.
الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية الألماني ديتلف ميليس كان قد كشف عن وجود الشبكة في تقريره الأول إلى مجلس الأمن من دون أن يشير إلى ربطها بحزب الله، غير أنه أورد معلومات عن اجتماع بين عدد من الضباط اللبنانيين والسوريين عُقد في شقة تقع في الضاحية الجنوبية لبيروت، تمهيداً لتنفيذ عملية اغتيال الرئيس الحريري.
بلمار يشدّد أمام كلّ من يلتقيه على أنه يعتمد الاحتراف والمهنية في عمله، وأنه لا يسرّب معلومات عن التحقيق. “أنا لا أعمل في السياسة” قال بلمار في مقابلة أجرتها معه “الأخبار” مطلع 2009، وبالتالي فإن لقاءه بلارسن، بحسب مسؤول أممي في بيروت يُعدّ “أمراً طبيعياً وجزءاً من سلسلة لقاءات يجريها المدعي العام الدولي مع فريق عمل الأمين العام للأمم المتحدة”، وأضاف “لا بدّ من التذكير بأنّ المحكمة الخاصة بلبنان أُنشئت بموجب قرار صدر عن مجلس الأمن وهو المجلس نفسه الذي أصدر القرارين 1559 و1701 ولا تعارض بين تحقيق العدالة ونزع السلاح الخارج عن سلطة الدولة”.
ورجّح أمس قاضٍ لبناني كان على صلة بملف التحقيق في جريمة اغتيال الحريري خلال إحدى مراحله أن “بعض الصعوبات التي تعترض تأليف الحكومة تتعلّق بتأخّر الخطوات العملية لعملية الربط بين قرارات مجلس الأمن المتعلّقة بلبنان”. وشرح القاضي لـ“الأخبار” أن فكرة ربط القرار 1559 بالتحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري كانت قد وردت خلال مراحله الأولى، أي خلال عمل لجنة تقصي الحقائق برئاسة بيتر فيتزجيرالد، الذي سأل عن الجهات التي يمكن أن تكون بحوزتها كمية كبيرة من المتفجرات، وتتميّز بدقة عملها، وخبرة رجالها في أعمال التفجير. وبالتالي، فإن المساعي لربط القرار 1595، الذي أنشأ لجنة التحقيق الدولية بالقرار 1559، الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة، سبقت المساعي التي يبدو أن تيري رود لارسن يجريها اليوم للربط بين القرار 1757 الذي أنشأ المحكمة والقرار 1559.
يذكر أن القرار 1701 ينصّ على “منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدّات ذات الصلة إلى لبنان، عدا ما تأذن به حكومته” (الفقرة 8)، كذلك يطالب القرار “حكومة لبنان بتأمين حدوده وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة أو ما يتصل بها من عتاد إلى لبنان دون موافقتها، ويطلب إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان مساعدة حكومة لبنان بناءً على طلبها” (الفقرة 14).
“انتقلت الشبهة من سوريا إلى المتشدّدين الإسلاميين إلى أن حطّت اليوم على ما يبدو على حزب الله، فهل تعود وتنتقل إلى جهة أخرى في المستقبل القريب؟” يسأل القاضي، ويشرد قليلاً قبل أن يضيف “الجواب في صالونات السياسة الدولية”.
(الأخبار)


سلاح وتدخّل

«إن سلاح حزب الله ابتزاز ويمثّل خطراً على استقرار المنطقة وتجاوزاً للقرار 1559 الذي يهدف إلى دعم سيادة لبنان ووحدته واستقلاله السياسي»، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن، خلال آخر كلمة وجهّها إلى مجلس الأمن في أيار الماضي. وأضاف أن «قيادة حزب الله تستمرّ بالتأكيد أنها تمكّنت من الحصول على تكنولوجيا عسكرية متطوّرة. إن الأمم المتحدة تأخذ هذا الكلام على محمل الجدّ، لكن ليس بإمكانها التأكد من صحّته». كذلك تحدّث لارسن إلى المجلس عن «نشاط عسكري غير شرعي لحزب الله خارج لبنان»، مشيراً إلى أنه على تواصل مع السلطات المصرية في هذا الإطار، وشدّد على أن الأمين العام «يستنكر هذا التدخل في شؤون الدول الأعضاء للأمم المتحدة».


إصرار لارسن على اتهام سوريا

قال تيري رود لارسن لأعضاء مجلس الأمن الدولي، في أيار الماضي، إن الحدود بين لبنان وسوريا ما زالت تشهد تهريباً للسلاح. وكانت سوريا قد وجّهت في شهر آذار الماضي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، احتجّت فيها على تجاوزات يقوم بها لارسن، رافضةً تدخّله في العلاقات اللبنانية السورية. وقال يومها مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري: «أكدت الجمهورية العربية السورية أنها نفذت كل ما يرتبط بها من ولاية القرار 1559، عبر سحبها لقواتها العسكرية والأجهزة الأمنية المتصلة بها منذ نيسان 2005. وإن الاستمرار في زج اسم سوريا في تفسيرات غير مقبولة وغير منسجمة مع ميثاق الأمم المتحدة وينال من حيادية الموظفين الدوليين القائمين على تنفيذ القرار 1559 غير مقبول».