عمر نشابة«الارتباك الذي تتخبّط به لجنة التحقيق الدولية يعني أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه بعض الدول الفاعلة في مجلس الأمن، لم يقرر بعد بصورة أكيدة وحاسمة إطلاق عجلة المحكمة الجزائية الدولية الخاصة بلبنان، لأسباب تتعلق بتجاذبات ومفاوضات سياسية يقودها مع النظام السوري. ومن هنا التخوّف من إمكان طمس حقيقة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، وحقيقة الجرائم الإرهابية الأخرى وتفاصيلها، فيما لو تمكّنت بعض الدول المهيمنة على قرارات مجلس الأمن من عقد صفقة سياسية ما مع النظام السوري على حساب المحكمة الجزائية الدولية الخاصة بلبنان، مقابل خدمات أمنية وسياسية يقدّمها هذا النظام في مكان ما من منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في العراق، لمصلحة هذه الدول»، كتب دريد بشرّاوي في 27 كانون الأول 2007 (في الزميلة «النهار») الذي عيّن بعد ذلك مستشاراً قانونياً للمدّعي العام في المحكمة الدولية دانيال بلمار، وهو يشغل هذا المنصب اليوم.
إن تخوّف مستشار بلمار من «صفقة سياسية ما مع النظام السوري على حساب المحكمة الدولية»، يشير إلى استباقه نتائج التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري، لجهة الحسم بأن النظام السوري ضالع في الجريمة، ولذلك تسعى بعض الدول لعقد صفقة سياسية من أجل طمس الحقيقة. يمثّل ذلك تجاوزاً واضحاً لمبادئ العدالة، ولا سيما قرينة البراءة، وبالتالي يستغرب ورود ذلك عن أستاذ متخصّص في القانون. لكن رغم ذلك، عيّنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الأستاذ المذكور مستشاراً قانونياً للمدّعي العام الدولي.
ألا يدفع ذلك إلى الشكّ في حيادية عمل المدّعي العام ومكتبه؟ أم أن تعيين مستشار قانوني استبق نتائج التحقيق في جريمة من اختصاص المحكمة يعدّ أمراً طبيعياً، وبالتالي ممنوع على الصحافة والرأي العام طرح الأسئلة؟ لا جواب لدى مكتب المدّعي العام، لكن قد يكون مجرّد التفكير في ما قاله دانيال بلمار لـ«الأخبار» في شباط 2009 مثيراً للجدل، فقد قال الرجل بحزم شديد: «أشدد على ثقة الرأي العام بالمحكمة. وبدون ثقة الرأي العام، لا يمكن أن نفعل شيئاً. فكما قلتم، لم يكن هناك إجماع لبناني على المحكمة، وسأقوم بكل ما في وسعي لكي يكون لدى الجمهور اللبناني أولاً، والمجتمع الدولي أيضاً، ثقة بإجراءات التحقيق، وثقة بالتحقيق نفسه».