عمر نشابة“تنشأ محكمة خاصة للبنان لمقاضاة الأشخاص المسؤولين عن الهجوم الذي وقع في ١٤ شباط ٢٠٠٥ وأدّى إلى مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وإلى مقتل أو إصابة أشخاص آخرين. وإذا رأت المحكمة أن هجمات أخرى وقعت في لبنان في الفترة بين ١ تشرين الأول ٢٠٠٤ و١٢ كانون الأول 2005، أو في أي تاريخ لاحق آخر يقرّره الطرفان ويوافق عليه مجلس الأمن، هي هجمات متلازمة وفقاً لمبادئ العدالة الجنائية، وأن طبيعتها وخطورتها مماثلتان لطبيعة وخطورة الهجوم الذي وقع في ١٤ شباط ٢٠٠٥، فإن المحكمة يكون لها اختصاص على الأشخاص المسؤولين عن تلك الهجمات”. (نظام المحكمة الخاصة بلبنان المرفق بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1757).
في تلك الفقرة يكمن جزء من المشكلة وجزء من الحلّ في آن واحد. ولا عجب في عجز الدولة اللبنانية عن اتخاذ قرار دستوري بتوقيع اتفاقية دولية بين لبنان والأمم المتحدة تنشأ المحكمة على أساسها. وكان الرئيس فؤاد السنيورة قد استعجل مناشدة تدخل مجلس الأمن متجاهلاً احتمال التوصل إلى إجماع وطني بخصوص المحكمة يعدّه العديد من الخبراء في العدالة الجنائية (ومنهم رئيس ومؤسس المركز الدولي للعدالة الانتقائية أليكس بوراين) ضرورياً لنجاح عملها.
لنبدأ بشرح جزء من المشكلة، ونخلص إلى عرض جزء من الحلّ. إن المحكمة التي تميّز تعسّفياً بين الضحايا عبر إيلاء الاهتمام لجريمة اغتيال رئيس حكومة سابق ولا يشمل اختصاصها جرائم لا بل مجازر راح ضحيتها مئات الأطفال والنساء والشيوخ ليست محكمة عادلة. وإن ادّعاء البعض أن تلك المجازر ليست من اختصاص المحكمة لأنها حصلت في سياق مواجهات عسكرية مستغرب، إذ إن تلك الحجة قد تنطبق أيضاً على مجازر وقعت في رواندا وسييراليون ويوغوسلافيا وغيرها واستدعت إنشاء محاكم دولية خاصّة مشابهة لمحكمة لبنان الدولية.
أما الحلّ، فلا يكمن على الإطلاق في حلّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لأن ذلك يسهم في استمرار الإفلات من العقاب، بل الحلّ يكمن بتوسيع اختصاصها ليشمل “هجمات أخرى وقعت في لبنان (...) طبيعتها وخطورتها مماثلتان لطبيعة وخطورة الهجوم الذي وقع في ١٤ شباط ٢٠٠٥”. يُستبعد قياس هجمات صيف 2006 بأنها أقلّ خطورةً من الهجوم الذي استهدف الحريري. لكن الإحراج الذي يمكن أن تحدثه الحكومة اللبنانية لمجلس الأمن عبر مطالبتها المرجوّة إيّاه بتوسيع صلاحيات المحكمة لتشمل جرائم الجيش الإسرائيلي في لبنان، قد يدفع القوى الدولية إلى فعل كلّ ما يلزم لمنعها. المفارقة تكمن في أن ما يلزم قد لا يحتاج إلى أكثر من همس بعض السفراء في أذن رئيس الحكومة المكلّف.