يوم أمس، وصلتنا إلى جريدة «الأخبار» شكوى موقّعة باسم «مجموعة من الأهالي في منطقة النبطية» تنتقد «الإجراءات المستغربة» التي تقوم بها إدارة ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية، ناعتة إياها بتدابير «أقرب إلى التمييز العنصري»، ما أدّى إلى نشوب خلاف بينها وبين أهالي التلامذة
النبطية ــ كامل جابر
في اليوم الأول من فتح باب التسجيل، سجلت إدارة ثانوية الصباح الرسمية 305 تلامذة من الجنسين في المرحلة الثانوية الأولى سوف يتوزعون على 13 شعبة، منها سبع للغة الفرنسية وستّ للغة الإنكليزية. ولأن كل صف يستوعب 30 تلميذاً «تبقى الحاجة الاستيعابية أقل من مئة، ما استدعى اجتماع الهيئة الإدارية لبحث الحلول المتوافرة» كما يقول مدير الثانوية حسين درويش، شارحاً أصل المشكلة بين الإدارة التي يمثلها وأهالي التلامذة، ويكمل «لم يخطر ببالي أو ببال أحد أن تمطر الدنيا طلاباً علينا. كان الاقتراح أن نعطي فرصة لاستقبال المسّجلين الجدد من الذكور فقط، ولمدة يومين فقط وبعدها يمكننا استقبال الإناث على ضوء المراكز الشاغرة والأفضلية لمن يسبق في تقديم الطلب عملاً بالمذكرة رقم 130 الصادرة عن المدير العام؛ وخصوصاً أن ثانويتنا تغطي محور النبطية والنبطية الفوقا وكفرتبنيت وأرنون ويحمر وكفررمان وكفرجوز وحبوش ودير الزهراني وكفروة وزبدين والكفور وتول، هذا المحور الذي لا توجد فيه ثانوية رسمية واحدة يمكنها استيعاب التلامذة الذكور، فيما تبعد ثانوية النبطية الرسمية للبنات ثلاث دقائق عن ثانويتنا وهي ذات مستوى عال ومتميز».
هكذا يشرح درويش الأسباب التي دفعت بإدارة الثانوية إلى حصر التسجيل الباقي بالتلامذة الذكور من المناطق المذكورة التي لا توجد فيها ثانوية رسمية قريبة للذكور أو مختلطة.
وتتسع الثانوية لست وثلاثين شعبة تدريس، بينما حوّلت الإدارة غرفة النظار إلى غرفة تدريس لأن «هناك ضغطاً هائلاً علينا، كونها ثانوية مختلطة وكل أولياء الأمور مصرّون على تسجيل أولادهم الذكور والإناث هنا؛ أنا لا ألومهم لأن الاختلاط قد أثبت نجاحه في المرحلة الثانوية على المستويين التربوي والاجتماعي. فعلى المستوى التربوي، يخلق الاختلاط دينامية في الصف وتنافساً بين البنات والشباب، ما ينعكس إيجاباً لمصلحة الجنسين؛ وعلى الصعيد الاجتماعي، فعندما تجلس البنت على المقعد ذاته إلى جانب الشاب تتلاشى عندها تدريجاً صورة الرجل البعبع. كذلك، فقد أثبتت النتائج التعليمية جدارتها في الثانوية وكنا الأوائل هذا العام من حيث عدد المتفوقين، لذلك شهدنا هذا الإقبال الكثيف، لكن لا خيارات أمامنا وليس باستطاعتنا أن نزيد صفاً واحداً، وخصوصاً أن البنات لا يواجهن مشكلة إذ بإمكانهنّ التسجيل في ثانويتهن القريبة»، كما يقول درويش.
هذه هي الإجراءات التي لم ترق عدداً من أولياء التلامذة، فحرّروا كتاباً وزّع على وسائل الإعلام اتهموا فيه إدارة الثانوية «بتمييز أقرب إلى العنصري بالإطار التربوي من حيث تفوّق الطلاب أو جنسهم، إذ تزعم هذه الإدارة، واهمة، أنها تفضّل تسجيل الإناث على الذكور، وتحصر خيارات الطالب بتسجيله بأيّ فرع تريده هي لا كما هو يطمح؛ بحجّة تقويمها لعلاماته في المرحلة المتوسطة» كما جاء في الكتاب الذي تساءلوا فيه: «هل تقويم العلامات لدى كل طالب هو شرط قانوني أم من واجب إدارة أي مدرسة أو ثانوية رسمية أن تسجل كل الطلاب وأن تسعى إلى تحفيزهم في أي صرح تربوي؟».
وفي ما يتعلق بسوء الفهم الحاصل بين الطرفين، والمتعلق بالاستنساب الجغرافي، أضاف الكتاب: «كما لا يغفل عن الإشارة إلى أن إدارة ثانوية الصباح الرسمية، وبحسب الوقائع، ترسم إطاراً جغرافياً معيّناً للطلاب الوافدين للتسجيل فيها.
ومن هنا نرفع شكوانا، على أمل أن تعالجها وزارة التربية».


مدرسة البنات منيحة بس كلها بنات!

جاءت زينب درويش مع والدها، من محلة الشريفة قرب حبوش حيث تقطن، لتتسجل في ثانوية الصباح الرسمية «لأنني تعوّدت منذ صغري أن أكون في مدارس مختلطة. صحيح أن ثانوية البنات جيدة، لكنني عانيت طوال العام الدراسي الماضي الذي قضيته هناك من اضطراب ووجع في الرأس، وتعهد والدي بأن يسجلني هذا العام في ثانوية الصباح، بعدما أتينا متأخرين العام الماضي».
إلا أن هذه الحجة «لا تكفي لتبديل المدرسة» كما قال لها المدير، فما كان من التلميذة إلا أن أجهشت بالبكاء.
في هذا السياق، يستغرب والد زينب كيف أن عشرات الأبنية المدرسية «الفاخرة شيدت في مناطق نائية مثل اللويزة والريحان وغيرها، فيما ظلت منطقة النبطية ذات الكثافة السكانية الواسعة تعاني من عدم توافر الأماكن؟»