أنهى مئة وخمسة عشر طالباً أميركياً وأوروبياً، بعضهم من أصول عربية، دورة لمدة ستة أسابيع ضمن برنامج «سينارك» لتعليم اللغة العربية في الجامعة اللبنانية ـــ الأميركية في بيروت (LAU) تابعوا خلالها دروساً مكثفة في اللغة العربية الفصحى والمحكية
ديما شريف
«أمضيت أجمل وقت في حياتي، سأبقى بعد انتهاء الصفوف، وسيأتي شقيقي ليزور لبنان أيضاً»، تقول ماري حاج. الأميركية من أصل لبناني، التي تزور لبنان للمرة الثانية ضمن برنامج سينارك لتدريس اللغة والثقافة العربية في الجامعة اللبنانية ـــــ الأميركية. عندما جاءت في المرة الأولى في 2006 للمشاركة في البرنامج اندلعت حرب تموز، فغادرت ولم تكن مستعدة للعودة في 2007. المدرّسة التي تعيش في ولاية كونيتيكيت كانت تتكلم قليلاً من اللغة العامية وقد تعلّمتها من والديها اللذين ولدا أيضاً في أميركا ولم يزورا لبنان طيلة حياتهما. تتذكر كيف كانت تحلم في طفولتها بزيارة بلدها الأم، وكيف كانت تتبادل الرسائل مع خالها، الذي كان عميداً في الجامعة الأميركية في بيروت، قبل أن يُقتل في بداية الحرب اللبنانية. كانت وقتها في الحادية عشرة من عمرها وفقدت الأمل بالمجيء إلى لبنان. لكنّها استطاعت ادّخار مبلغ من المال، وشاركت للمرة الثانية في البرنامج. ترغب ماري في العودة مجدداً لكنّها مضطرة إلى الاعتناء بأهلها، اليوم، تفكر في إمكان استغلال عام تفرّغ (سابع) للعيش في لبنان. «أستطيع العيش هنا بكل سهولة. تخيلي الصعود إلى أعلى قمة في الشرق الأوسط»، تقول. ثم تضيف «أحب ثقافتي، ولهذا أتيت إلى لبنان لأرى من أين أتى أهلي ولأعرف من أنا».
الهولندية ناروشا ياغسارت كانت في لبنان في 2006 أيضاً، لكن ليوم واحد فقط. كانت الموظفة في منظمة الصحة العالمية تزور سوريا، وقررت أنّها تريد العودة إلى لبنان، فانضمت إلى البرنامج هذا العام. تشجعت لدراسة اللغة العربية لأنّها لم تستطع تقبّل فكرة زيارة بلدان للسياحة والعمل دون استطاعتها قراءة اللافتات الموجودة فيها. ترى ناروشا أنّ اللغة العامية تفيد أكثر من الفصحى لأنها تساعد على الحديث مع الناس.
فكرة يوافقها عليها الأميركي ستيفن بروك، مضيفاً إنّه يمكن المرء تعلم الفصحى وحده، ومشيراً إلى أنّ الفصحى تضع حواجز مع الناس الذين لا يفهمون اللغة التي يتحدثها الأجنبي. تابع ستيفن صفوفاً في العربية الفصحى لمدة سنتين في الجامعة أثناء دراسته العلوم السياسية، وانضم إلى البرنامج بعدما نصحه به أحد أساتذته. جاء إلى لبنان برفقة زوجته قبل بدء الدورة ليجول في ربوعه، بعدما أخبره أصدقاؤه اللبنانيون الكثير عنه. «لم أكن خائفاً من شيء فالخطر موجود في كلّ مكان»، يقول.
من جهته، أعجب جيسي آيزنستات، طالب العلوم السياسية والصحافة، بلبنان لدرجة أنّه لا يرغب في الرحيل، ويبحث عن عمل حتى يستطيع البقاء. جاء المرة الأولى إلى لبنان في 2007 للسياحة، ويستغرب كيف أنّ الناس لا يتحدثون بلغتهم هنا. «الأفضل لمن يريد تعلم اللغة الذهاب إلى دمشق، حيث يتحدثون العربية في الشارع رغم أنّ الصفوف هنا أفضل»، يقول.
في المقابل، لن تعود الأميركية مريم المصري إلى البرنامج مرة أخرى لأنّها تتخرج من جامعتها العام المقبل. تزور مريم لبنان للمرة الأولى رغم أنّ والدها لبناني. تضحك حين تتحدث عن اللهجتين العاميتين اللتين تتكلم بهما: اللبنانية، والمغربية التي تتحدث بها والدتها. أحبت الطالبة في العلوم السياسية والكيمياء بعلبك والأرز وستحاول العودة للسياحة.
من جهتها، أضافت الإماراتية ناديا راشد العربية إلى اللغات الست التي تعرفها. فالطالبة في العلاقات الدولية تعلمت العربية في المدرسة ونسيتها، ما دفعها للاشتراك في البرنامج، وخصوصاً أنّ صديقتها المقربة لبنانية. ترى ناديا أنّ لبنان رائع لأنّه يمثّل التوازن المثالي بين الغرب والعالم العربي، وأحبت جوّه الجميل، وخصوصاً في المناطق الجبلية.
تتحدث مديرة البرنامج ميمي جحا بفخر عن ألف طالب شاركوا فيه منذ انطلاقته قبل 12 سنة، يعود بعضهم في السنوات اللاحقة. ونسجت جحا علاقات مع أقسام اللغة العربية في الجامعات الغربية، التي تنصح طلابها بالاشتراك في البرنامج. أما وفاء قيس، التي تدرس اللغة المحكية، فتصف كيف تعاطى الطلاب مع الأغاني التي يتعلمونها في صفها، وكيف أصبحوا يزورون «سوق الطيب» وحدهم منذ عرّفتهم عليه خلال الصف.


مواعيد
فصول الدراسة


يتألف برنامج سينارك من مرحلتين كلّ عام. الأولى تمتد ستّة أسابيع خلال شهري حزيران وتموز، والثانية خمسة عشر أسبوعاً، هي فترة فصل الخريف في الجامعة. ويتابع الطلاب في الفصلين دروساً في اللغة العربية الفصحى في مختلف المستويات، إلى جانب صفوف في العامية اللبنانية.


أكثر ما أعجب الكندي سامي قائدبي، ذو الأصول اللبنانية، هو متحف جبران والأرز في بشري. واستمتع أيضاً بالتعرف إلى أصدقاء جدد من بين المشاركين في البرنامج. يستطيع سامي اليوم أن يكتب الكلمات إلى جانب القراءة والتكلم بالفصحى. ويفكر في العودة مجدداً العام المقبل

كانت هذه المرة الأولى التي يزور فيها دانيال بويل من نيويورك الشرق الأوسط. يفكر في العودة ليتابع صف العامية المكثف. لم يكن خائفاً من القدوم إلى لبنان «أعرف الوضع الحقيقي فيه لأنني قرأت عنه ولم أصرف وقتي في متابعة CNN»، يقول طالب اللغات الكلاسيكية