البقاع ــ رامح حميةتتهيّأ القوى الأمنية لتقوم اليوم بعملية إتلاف واسعة لحقول الحشيشة في البقاع الشمالي. المزارعون من جهتهم يصرّون على «الدفاع عن مصدر رزقهم».
أمس كان أهالي المنطقة يكرّرون السؤالين التاليين: هل ستتلف الحشيشة؟ أم ستقف مشاركة الجيش حائلاً أمام القوى الأمنية دون تنفيذ العملية؟
في كل عام يتكرّر السيناريو ذاته، المشهد في سهول البقاع الشمالي، المزارعون يزرعون الأراضي بنبتة القنّب الهندي، «لكون البديل الزراعي لم يوفَّر منذ بداية تسعينيات القرن الماضي»، فيما الدولة ممثلة بالقوى الأمنية تتهيّأ دائماً لمكافحة هذه الزراعة عبر الكشف على الحقول المزروعة تمهيداً لإتلافها.
نفّذ مزارعو الحشيشة اعتصاماً في بلدة بوداي البقاعية، مطالبين «الدولة بتأمين الزراعات البديلة التي وعدتهم بها، أو بتشريع زراعة الحشيشة كما في الدول المتقدمة». وشدّد المزارعون على رأيهم في «مواجهة القوى الأمنية فيما لو أصرت الدولة على إتلافها».
أصحاب الجرارات الزراعية يخافون مخاطر عملية الإتلاف ويشكون تأخر تحصيل أجورهم
بحسب مسؤول أمني فإن «تراجعاً كبيراً حصل في نسبة الأراضي المزروعة بنبتة الحشيشة، حيث وصلت إلى 55%، ففي العام الماضي كانت مساحة الأراضي المزروعة حوالى 35 ألف دونم فيما عمليات الكشف لهذا العام أكدت أنه لم يزرع إلّا 15 ألف دونم تقريباً». وأكد المسؤول الأمني لـ«الأخبار» أن عملية الإتلاف لهذا العام تتّسم بطابع الجدية و«عدم السماح بمرور الموسم»، وقال إنّ وحدات الجيش في البقاع ستؤازر القوى الأمنية الموكلة القيام بعملية الإتلاف، ولكن «ليس من المعلوم بعد ماهيّة الدعم والمؤازرة اللذين سيقدّمهما الجيش وأشكالهما، ومتى ستكون وحداته في البقاع جاهزة لتقديم المؤازرة».
تحدّث المسؤول الأمني عن أصحاب الجرّارات الزراعية الذين يرفضون «الغوص في هذه المشكلة، وذلك بسبب الأجور التي يتقاضونها عن الإتلاف، وتأخّر الحصول عليها، والمخاطر التي تحدق بعملية الإتلاف». وقال أصحاب الجرّارات «بلا وجعة، الأجر مئة ألف ليرة بدل يوم العمل، ولا نحصل على المبلغ إلّا بعد سنة أو سنتين».
رئيس بلدية إحدى القرى البقاعية، الذي رفض أن يُذكر اسمه، تساءل في اتصال مع «الأخبار» عن «مقدرة المزارع البقاعي على تحمل المشاكل الزراعية، وتوفير معيشة أبنائه، في ظل غياب البديل الزراعي لنبتة الحشيشة؟». وطالب القوى الأمنية «بالتصرف بحكمة ودراية في عملية الإتلاف منعاً لإراقة أية دماء، وبعدم الضغط على مزارع يسعى إلى تأمين المعيشة لعائلته». وقد نقل هذا المتحدث ما يتداوله الأهالي الذين يجمعون على أنه يجب على الحكومة اللبنانية أن تنظر جديّاً إلى الواقع المعيشي في البقاع الشمالي، فالمزارعون لا يتوقّفون عن زراعة الحشيشة، والدولة تتهيّأ سنوياً لإتلافها. ويسأل بعض المزارعين تكراراً «لماذا لا تحاول السلطات اللبنانية المعنية أن تتعامل مع الوضع وتستفيد منه بطريقة إيجابية، فتعطي بعض المزارعين رخصاً تسمح لهم بزراعة مساحات معينة، ومن ثم تتسلّم المحصول منهم، ثم تعمد، عبر مختبرات متخصّصة، إلى تصنيعها مخدراً طبياً يصدّر إلى دول مختلفة؟».