صيدا ــ خالد الغربيبدا «اللبناني أبو الغضب»، كما يعرّف عن نفسه، بسحنته الصحراوية، حانقاً على ما اعتبره «قرارات سلطوية جائرة» استهدفته والعشرات من مجاوريه ممن يبسطون مقاهيهم الشعبية على امتداد الكورنيش البحري في صيدا. فقد قامت قوة من قوى الأمن الداخلي أمس بإزالة هذه المقاهي والخيم والطاولات إنفاذاً لقرار محافظة الجنوب (الذي لم تستطع «الأخبار» الحصول عليه لدى اتصالها بالمحافظة لأسباب غير مفهومة). هكذا، تقصّد الرجل أن يلاقي عدداً من الإعلاميين الذين جاؤوا يستقصون ردود الفعل، بادئاً حديثه بالتأسف على قرار كهذا لا يعرف كما قال من أنزله: «يا خيي طاسة وضايعة بها البلد و (...) أم الفقير إذا بيقدر يعيش». و«أبو الغضب» كان أمس زائراً للمكان الذي كان فيه مقهاه، الذي أزاله بعدما امتثل لقرار السلطات الرسمية في محافظة الجنوب بتحرير أرصفة الكورنيشين القديم والجديد من الكراسي والطاولات البلاستيكية التي كانت منتشرة عليهما، ومعها تلك الماكينات التي تعدّ قهوة الإكسبرس وفانات القهوة والشاي للمتنزهين على الكورنيش، تلمّساً لبعض التسلية الرخيصة الثمن.
من المسؤول عن هذا «القرار التعسفي»؟ يسأل متضرر آخر من القرار، مكتفياً بالإشارة الى كنيته «أبو محمد»، لأنه، بحسب ما قال: «بدّي العبها بلكي أعطونا رخص». يسأل الرجل ثم يجيب عن السؤال، فيقول: «فلان الفلاني يقول لنا إن قرار إزالة البسطات والفانات اتخذه المحافظ شخصياً، وآخر يقول إن البلدية هي الجهة المعنية، لكن الكورنيش كما نعلم تابع لوزارة الأشغال، ولا دخل للبلدية فيه. الموضوع ليس من هو المسؤول بل لماذا لا يريدون للفقراء أن يعتاشوا في هذا الموسم؟ ساعة يتذرعون بالقول إن ترحيلنا عن الكورنيش هو بسبب غلاء أسعارنا. لكن أسعارنا، لا بل حصيلة يوم عمل بأكمله، لا تساوي حتى ثمن فنجان قهوة في «الضاوتوم» (قاصداً الداون تاون أي وسط بيروت التجاري) وساعة بيقولوا انو عم نوسخ الكورنيش، بس اللي بعرفوا انو لأننا فقراء عم يدقوا فينا، ولو كان الأمر متعلقاً بالأغنياء لما قام المحافظ (في الجنوب مالك عبد الخالق) باتخاذ هذا القرار ولو للحظة واحدة».
يواصل الشباب مسيرهم، فهم عاطلون اليوم من العمل، لم يعد هناك كراسٍ على الكورنيش، لكن من يدري؟ المهم أن السبب الحقيقي وراء قرار الإزالة لم يكن واضحاً بالفعل، فهل هدفه «تنظيمي»؟ وهل المطلوب هو أخذ رخص تتضارب المعلومات بشأن صلاحية الجهة التي من حقها منحها؟ تعدّدت الأسباب والنتيجة واحدة: الكورنيش بشقّيه، القديم والجديد، من دون روّاده ونراجيله، حتى إشعار آخر. يذكر أن الكورنيش شهد العام الماضي إجراءات مماثلة، إذ أزيلت المقاهي لأيام قبل أن تعود مجدّداً.