فاتن الحاج6 لحامين من أصل 86 لحاماً يعملون في نطاقها، لبوا دعوة بلدية برج البراجنة للقاء تدريبي عن «الإدارة السليمة للحوم داخل الملحمة» نظمته «جمعية المستهلك» أول من أمس. مجرد ستة لحامين. برغم كل مشاكل السلامة الغذائية التي سمعنا بها أخيراً. أما السبب في هذا الحضور «الخجول»، إن كانت الصفة تصدق على أهل هذه المهنة، فيعزوه د. علي السباعي، رئيس لجنة الصحة في بلدية برج البراجنة إلى «اعتداد معظم اللحامين بمهنة ورثوها أباً عن جد» ورضاهم عن خبرتهم فيها، ما يجعلهم يعتقدون أنهم لا يحتاجون إلى دروس من أحد، يتحدث أحمد عباس إسماعيل، صاحب ملحمة السيّاد، عن سبب آخر للمقاطعة، وهو «خشية اللحامين من أن يتطرق اللقاء إلى ضرورة إقامة مسلخ في المنطقة»، فيما هم الآن يذبحون الذبائح في محالهم، في مخالفة واضحة لما نص عليه مرسوم الشروط الصحية لمحال الجزارين. وينطلق إسماعيل وزملاؤه في اعتراضهم من تجربة سابقة «حين عرضوا أن نتعاون مع المسلخ الخاص لأحد تجار المواشي في الشويفات، فأراد أن يتحكم بنا من دون أن تكون لبلديتنا أي سلطة عليه». هنا يتدخل السباعي فيقول: «لا قدرة لدينا على إنشاء المسالخ، لذا نبحث عن مصدر تمويلي عربي لدعم هذا المشروع حتى يكون بإدارة اللحامين أنفسهم». لكن يبدو أنّ لدى إسماعيل حجة أخرى للرفض وهي «أنّ مراجعنا الدينية لا تسمح بالأكل من المسلخ لأنّه ما في طهارة»! عدا ذلك، بدا الرجل مقتنعاً بالجزء الأكبر من الإرشادات التي قدمتها جمعية المستهلك، وخصوصاً «أني أطبق 70% منها».
الزبون بيطلب اوقية كفتة نيّة على السيخ مش عالمكنة
لم يكن هذا رأي الجميع. لحام آخر، لم يفصح عن اسمه، اعتبر أنّ مشروع تدريبهم الذي تنفذه الجمعية منذ 3 سنوات «معمول لفنلندا مش لهون، فالكهرباء في انقطاع دائم والمياه تصلنا مرة في الأسبوع هيدا إذا إجت، ونواجه أزمة تصريف نفايات الملاحم». لكن رئيس الجمعية الدكتور زهير برو أوضح للمشاركين «بدأنا تطبيق المشروع مع بلدية سن الفيل، وأكد لنا اللحامون بعد 3 أشهر أنّ عملهم تحسّن بنسبة 60%». يحاول برو تشجيع الحضور بالقول إنّ التحسين ليس مكلفاً، إذا ما قورن بحجم الهدف: «الحفاظ على صحة الناس وحمايتهم من الأمراض الخطيرة المتأتية من اللحم الملوث» وبالمناسبة، يضيف، لبنان يسجّل أعلى نسبة سرطانات في العالم ،ويردف: «كلما عملتم على تحسين بيئة العمل، كلما حافظتم على زبائنكم».
يوافق محمد عمار، صاحب ملحمة أبو ربيع عمار، على أنّ التحسين ضروري لكن بعض الشروط التي يفرضها المشروع تبدو تعجيزية برأيه، لا سيما بالنسبة إلى الاستغناء عن اللوح الخشبي الذي يُستخدم للتقطيع والاستعاضة عنه بلوحة بيضاء «بولي إتيلان» (بلاستيك صالح للمواد الغذائية). «ما بتظبط خيي، الناس بتطلب أوقية كفتة نية عالسيخ ومش عالمكنة»، يقول عمار. وعندما ينصح برّو بعدم السماح للزبون وخصوصاً إذا كان مريضاً بالدخول إلى المكان الذي يعمل فيه اللحام، يعترض أبو ربيع: «ما فينا ما نخليهم يفوتوا لجوا ويشوفوا بعينهم شو عم بيصير». كما يرفض اللحام إسماعيل ما قاله المهندس في الجمعية عماد عمون «إنّ اللحام يجب أن يعتمد موظفاً منفصلاً يتولى الأمور المالية والإدارية». ويقول: «ما فيي أمِّن لحدا عالمصاري، فأنا من يقبضها ثم أغسل يدي مع كل بيعة». وكان المهندسان عمون وندى نعمة، من جمعية المستهلك، توليا تقديم تعريف بأنواع اللحوم ومواصفاتها وسلامتها، فتوقفا عند الاشتراطات اللازمة لإقامة ملحمة والتعليمات الخاصة بأسس النظافة الجيدة، وذلك بعد قيام الجمعية بجولة ميدانية على ملاحم المنطقة أظهرت مشاكل في مجال عدم المعرفة بالطرق الصحية لحفظ اللحوم وعدم تأهيل الملاحم دورياً، فضلاً عن الذبح داخل الملحمة وخارجها بدلاً من المسلخ.