إهدن ــ فريد بو فرنسيستخيّل أنك تسكن بيتاً من الخشب الطبيعي وسط غابة من الصنوبر. أو أنّك تمضي ليلتك مع أصحابك ويسهر معكم قمر إهدن ونجومها، فتحسب نفسك أنّك قريب جداً من السماء ولا تفصلك عنها سوى أدراج قليلة.
هكذا، هو المشهد عند أقدام محمية إهدن الطبيعية، حيث لم تكن الفكرة التي راودت الأربعيني الفونس يمين مغامرة غير محسوبة. فالتفكير في بناء مجموعة بيوت خشبية لاقتنائها أو استعمالها لأغراض خاصة، لم يأتِ وليد الصدفة، بل كان «حلماً يكبر معي شيئاً فشيئاً». لذا لجأ يمين إلى المراجع والكتب والمجلات التي تنشر صوراً لبيوت خشبية في جميع أنحاء العالم ليغذّي منها أفكاره، مصمّماً على بناء واحد أو أكثر، مشابه لما كان يراه في الأفلام.
على الكتف الغربية لمحمية إهدن، تستقبلك مجموعة من البيوت الخشبية الصغيرة الحجم، منها ما أصبح جاهزاً للسكن ومنها ما لا يزال قيد الإنجاز. وتتلاصق إلى حد بعيد كأنّها جسم خشبي واحد، داخل غابة من الصنوبر حيث بني قسم منها على الأرض مباشرةً، ورُفع قسم آخر على أعمدة خشبية تتناسب مع طبيعة الأرض ومستواها.
انطلق يمين في مشروعه من معاينة نوعية الخشب التي تتلاءم مع طبيعة المنطقة وجوّها المثلج، فكان التركيز على «الصنوبر الأميركاني» المقاوم للبرودة والثلج والمكلف في الوقت نفسه. ويشرح أنّه استخدم في بناء البيت مادتي اللبن و«الكلين» القديمتين، اللتين كانتا تُستعملان في بناء المنازل القديمة، من دون أن ينسى القش المفروم الذي يُمزج مع اللبن ويحفظ الحرارة حفظاً كاملاً. الفكرة التي بدأت صغيرة أخذت تتوسّع في تلك المنطقة البعيدة عن إهدن البلدة و«لا يأتي إلينا إلّا من يقصدنا، وغالبية الزوار هم من الأجانب الذين يهربون من الضوضاء والمدينة ويعشقون الليل والسهر». ولا تقتصر الزيارة على النوم في البيوت الخشبية فحسب بل هناك برنامج يتضمن سهرة نار ورحلات ليلية داخل محمية إهدن الطبيعة، وخاصة للسيّاح الذين يعشقون المشي في الليل. ويشير يمين إلى أن «كل ما يقوم به الإنسان في حياته مغامرة، وهذه الفكرة لاقت قبولاً لدى الناس، وخصوصاً الأجانب منهم الذين سئموا مشهد الباطون وأشكاله، ولجأوا إلى الطبيعة والخشب وهو ما شجّع معظمهم على القدوم إلينا».