محمد محسنيصعب أن أؤرق نومك الأخير مع التراب. اسمح لي بقصة صغيرة فقط. أثناء نزوحنا الغجري كنت أصنّف أخبار الحرب، عندما يخطّها أخي الصغير على أوراق السندويش. حين يكتب خبراً عن نصر في بنت جبيل أو كفرا أو حاريص، كنت أدوّن قربها «لقد فعلها حسن، إنه صديقي».
وحين أدرت ظهرك لطعنات العرب، والتويت على عنق الجنوب، تحميه من تحرّشات الـ«هلفوت» الضخم، رأيتك عريساً اقترب أوان نعشه. قبّل أرض الجنوب كما تشاء، هي تحبك. ضمّد هزّاتها بلون ابتسامتك. تناسل معها. أنجبوا أفراحاً وعصافير.
مشيت في تشييعك. نظرت إليك، لكنّك كنت نائماً. اعذرني هذه المرة أيضاً. لم أستطع حمل مقعدنا في الكليّة. لكنّي، من دون أن يعلم أحد، دسست قنينة عطرك المفضّل قرب ضريحك. وحدها الذكريات تبكيك في خاطري. ثلاثة أعوام يا حسن، مرّت حارقة كموتك. الحرب آتية، والهلفوت لم يشبع من دمائنا. نحن بانتظارك. عد إلينا يا حسن.