يبحث المرشحون ومن ورائهم الأحزاب، عن أصوات الشباب من دون أن يدرجوا قضاياهم، في المقابل، ضمن برامجهم الانتخابية. مفارقة لا تبدو أنها تزعج الشباب، الراضين بمعظمهم بتلك المعادلة
محمد محسن
هبطت البرامج الانتخابية فجأة بالمظلات. صور وألوان تملأ الطرق. مرشحون في كل مكان. شعارات تتسلق أعمدة الإنارة، وتحتل الجدران. أحزاب المراحل السابقة كلها حاضرة. شبابها يضجون عطاءً، من غير استثناء، لأجل أحزابهم. ولكن، في المقابل، هل تلحظهم أحزابهم في برامجها المستقبلية؟ الأرجح أنها لا تفعل. فالساحة الانتخابية تخلو من وجوه جديدة شابة تمثّل الأحزاب السياسية التقليدية. وإن وجدت هذه الوجوه، فهي تبدو ذات ملامح يافعة، إلا أنها تظل قديمة لأنها تمثّل امتداداً لتراث العائلة السياسية التي تمثّلها بدلاً من أن تدافع عن فئة الشباب التي من المفروض أن تمثّلها.
انطلق الناشط في القوات اللبنانية، زاهي فرح، من دحض هذه النقطة، ليرفض اعتبار وراثة الآباء في السياسة، إقطاعاً سياسياً متكرراً. برأيه، الشباب هم «عصب البلد»، والجميع «يعزف على وترهم». لا يبالغ زاهي حين يذكر أن شباب القوات اللبنانية لعبوا دوراً بارزاً على الصعيد الحزبي في المرحلة السابقة، إذ مثّلوا واجهة الحزب الأساسية «قبل انسحاب الجيش السوري»، وفي الفترة التي كان قائدهم سجيناً فيها. لكنه، في حديثه عن المرحلة الانتخابية الحالية، يلامس المبالغة، حين يبدأ الحديث عن مرشحي 14 آذار الشباب، «الذين تعتبرهم القوات مرشحيها». يرفض فرح تصنيف المرشح نديم الجميل في خانة الإقطاع السياسي، بل يضعه في سياق التمثيل الطبيعي لوالده، بشير الجمّيل. ينسحب الأمر نفسه على المرشحة نائلة تويني. أصرّ زاهي على تأكيد دور الشباب في القوات اللبنانية، على الرغم من أن البرنامج القواتي المنشور على موقع الحزب الإلكتروني لم يذكر أي دور لهذه الفئة، بل اكتفى بالعناوين السياسية الكلاسيكية كالسيادة والقرارات الدولية، التي يسعى الشباب لتسويقها بدورهم. يؤمن زاهي بدور الشباب، يرى أنهم شركاء وليسوا مغبونين، لافتاً إلى دورهم في أحزاب أخرى أيضاً، حيث «للمقاومين دور، وهم شبان أيضاً».
بالنسبة لحزب المقاومة، حزب الله، الأمور غامضة قليلاً. لا يختلف اثنان على حيوية شبّان «حزب الله»، وانضباطهم؛ إلا أن المسؤول التربوي في «حزب الله»، يوسف مرعي، طلب منا الرجوع إلى أحد النوّاب، إذا أردنا مناقشة دور الشباب في البرنامج الانتخابي للحزب، بتفاصيله العريضة. بدا طلب المسؤول الشبابي لافتاً لما يمثّله من مفارقة. أحمد، أحد المنتمين إلى الحزب، أكّد أن مستقبله كشاب مرهون بوضعه الحزبي عامة، وليس بمؤسسات الدولة «التي يئس منها». هو يبحث عن «الجهاد» وعن «المقاومة» لا عن البرنامج الانتخابي لحزبه. وهذه المفاهيم، كما يؤكد، إذا نجح الحزب في ترسيخها على مستوى الدولة، تحسب له نجاحاً وتقع في صميم برنامجه الانتخابي. موقعه في الحزب، كما في الدولة، لا يرتبط بالمرحلة العمرية: «لا تمييز في المراحل العمرية عندنا في حزب الله من ناحية الأهمية»، يؤكد أحمد، ويردف «كشاب، يهمني أن يكف البعض عن العبث بسلاح المقاومة».
وللأحزاب الأخرى سلاحها. «البرلمان سلاحنا»، تقول اللافتات الكتائبية، في إشارة ظاهرة للتحريض على سلاح آخر، ليس إلا السلاح الذي يرى فيه أحمد من حزب الله أملاً ومكاناً في زحمة الشعارات والبرامج. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار الكتائب اللبنانية من الأحزاب التي أشارت بوضوح إلى رؤيتها بشأن مستقبل الشباب، لا سيما أن الكتائب قدم في برنامجه الانتخابي المعلن مجموعة من الطروحات. سابين، الكتائبية الجامعية تستفيض في شرحها. تبدأ، مستندة إلى البرنامج، بالمطالبة بإعادة هيكلة وزارة الشباب والرياضة. وبما أن الكتائب «حزب معروف برغبته العالية في الانفتاح على الخارج»، فقد أكدت سابين أن الحزب ينادي بدعم تنمية برامج التبادل والتوأمة بين الشباب اللبناني والشباب في العالم. التوأمة شعار كبير. التوأمة تعني التلاصق، والأمر غير ممكن لبنانياً، بالنظر إلى التناقض الواضح بين شباب حزب الله والكتائبيين، فكيف سيكون ممكناً عالمياً؟ سؤال يطرح نفسه. وربما يكون إنشاء «مخيم الحرية»، كما يقول برنامج الكتائب، سبيلاً لحل افتراضي برأيهم، قد تجسّده «خيمة رمزية في ساحة الشهداء، في وسط بيروت، على أمل أن تصبح نقطة لقاء وتبادل دائم بين الشباب اللبناني».
ترحب سابين بشباب حزب الله في الخيمة «إلا أنهم لن يأتوا. أنا متأكدة»، تقول ممازحة. لا يشفع للكتائب ضجيج الاقتراحات الشبابية، لاستقطاب شباب آخرين وسط صراع سياسي في المضمون، والشق الاجتماعي فيه لا يتخطى المظهر. هذا لا يعني أن طروحات الكتائبيين براقة، إلا إذا اسثنينا طروحات متقدمة كوضع برنامج لبناني ــــ دولي لتمويل مشاريع إنمائية صغيرة ومتوسطة لتحفيز الشباب على إطلاق مشاريع برأسمال محدود وتشجيعهم على البقاء في لبنان. بدورهم، الشباب العونيون متحمسون للانتخابات، وللبقاء في لبنان. واثقون من فوزهم. نادين نصّار، تدعي أن التيار كان أول الأحزاب التي وزعت برنامجاً انتخابياً. تسلّمنا منشوراً برتقالياً من 53 صفحة. يمر فيه الشباب مرور الكرام، «لكن على الأرض الأمور مختلفة». «جبران باسيل وألان عون وحكمت ديب كل هو مش شباب؟»، تختم نادين مستغربة.


رغم بلوغه 80 عاماً

يخوض الحزب الشيوعي المعركة الانتخابية، وعينه على الهم الداخلي، فالانتخابات بقانون كهذا لن تقدم أو تؤخر شيئاً. هذا ما يؤكده العضو في الحزب، حسين مروة، الذي يستشهد بالانتخابات الداخلية الأخيرة لحزبه. حينها، حاز الشباب في الحزب مناصب أساسية تنظيمياً. في الوقت عينه، لا يخشى مروة على دور الشباب في الحزب الشيوعي: «حين يكون القانون الانتخابي مناسباً، فالشباب الشيوعيون جاهزون».