بعدما حازوا تنويهاً إثر مشاركتهم في معرض المدارس المهنية الرسمية في لبنان، نظّم تلامذة التجميل الداخلي في المدرسة المهنية الفنية العالية في النبطية، المعرض الأول من نوعه في مدينتهم، بإمكانات متواضعة، عرض 60 طالباً أعمالهم التي أنجزوها خلال السنوات الثلاث الماضية
النبطية ــ كامل جابر
بعدما شاركوا في معرض المدارس المهنية الرسمية في لبنان، الذي أقيم خلال الشهر الماضي في المركز المهني الرئيسي في الدكوانة، وبعد «حيازتهم التنويه والثناء، وما لاقاه جناح مهنية النبطية من اهتمام وزيرة التربية الوطنية السيدة بهية الحريري والحضور المشارك»، كما يشرح مدير المدرسة محمد شعيتاني، تحمّس تلامذة مهنية النبطية، وأقاموا، على نفقتهم الخاصة، معرضاً مستقلاً لنحو 300 لوحة وعمل فني وإبداعي من إنتاجهم.
شاركت أديبة محيدلي (18 عاماً) من كفررمان، وهي الأولى على صفها في السنة الثالثة من التجميل الداخلي BT، بنحو أربعين عملاً في المعرض، بينها 8 لوحات زيتية وستة مشاريع هندسية في الديكور الداخلي، يتكوّن كلٌّ منها من ثلاثة رسوم، فضلاً عن لوحات ورسوم بالإكواريل والغواش والباستيل؛ وقد أنهتها «على نفقتي الخاصة، بتشجيع من أستاذ المادة هشام قبيسي ومساعدته، وبتحفيز من الأهل»، كما تقول، مضيفة «كنت أميل إلى الرسم قبل الانتساب إلى فنية النبطية، لكن هنا، وبالرغم من أننا في مدرسة رسمية ولا نحظى أنا زملائي بتشجيع غير ذلك المحلي من الإدارة والأساتذة، تمكنت من صقل موهبتي، وهذا ما شجعني على إعداد جملة من الأعمال بعدما وضعنا أستاذ المادة بإمكان المشاركة في المعرض المركزي».
أما التلميذة لبنى الرّز، التي انتقلت من مدينة صور للإقامة في النبطية «كي أكون قريبة من المدرسة الفنية، وخصوصاً لما يحظى به فرع التجميل الداخلي من رعاية وتشجيع»، فقد شاركت بعدد كبير من الأعمال المتنوعة بين رسم زيتي وتجميل مسطحات وعلى الخشب وبالرصاص والتنقيط. «لقد كسبنا هنا الخبرة العملية والإرشاد التقني الذي شجعنا على البحث، ودخلنا الإنترنت، واضطررنا في بعض الأحيان، إلى حجز أوّلي في فنادق عالمية ومحليّة معروفة، حتى نطّلع على التصاميم والديكورات الداخلية، مع العلم أنه لا إمكان لنا في الإقامة في مثل هذه الفنادق، لكن الحجز الشكلي مكّننا من دخول هذه النماذج ولو من خلال الصورة والمعلومة».
صمّمت لبنى، بالتعاون مع زميلها أحمد مقداد الذي يأتي يومياً إلى النبطية من بلدة فرون، التي تبعد عنها نحو 15 كيلومتراً، ومعهما أديبة وشيرين فحص، جناحاً كاملاً لفندق 5 نجوم. وزّعوا تصاميمهم على جدران قاعة تُستخدم أصلاً للطعام؛ غير أن الورشة جماعية مع مختلف التلامذة من المراحل الأولى والثانية والثالثة، إضافةً إلى مشاركة تلامذة التربية الحضانية والفندقية وتلامذة الكهرباء الذي أعدوا مجسم مصعد كهربائي مصغّر، وشغّلوه، كانت كفيلة بإعداد معرض شدّ الحضور، ونمّ عن مشاريع جاهزة للتطبيق والتنفيذ، فضلاً عن لوحات يمكن اقتناؤها وعرضها في الصالات والدور، برغم الإمكانات المتواضعة، وبعض التقشف في المواد التي تحتاج إلى تمويل خاص، يعجز تلامذة اختاروا المدارس الرسمية، نظراً لإمكانتهم المادية المتواضعة، عن تأمينه.
لكن، ثمة اهتمامات أخرى للتلامذة وأساتذتهم رفدت نشاطهم وإنتاجهم المهني، وعززت معرفتهم، «من خلال رحلات ثقافية إلى بعض الشركات الضخمة في لبنان لصناعة السيراميك والأدوات الصحية، وزيارة المتحف الوطني لرؤية المجسّمات التاريخية، والتمرن على إعداد كروكيهات سريعة، فضلاً عن زيارة العديد من معارض الرسم والنحت، التي كانت تجري على نفقة التلامذة، غير أنها صبّت جميعها في تعزيز مواهبهم واتساع معرفتهم»، كما يقول أستاذ مادة الرسم الفني هشام قبيسي.


حماسة تنتقل بالعدوى

يثني أستاذ مادة الرسم الفني في المدرسة المهنية الفنية العالية في النبطية، هشام قبيسي، على النشاط المدرسي الكثيف للتلامذة «الذي خلق حالة من التنافس والتسابق المحمومين باتجاه الإبداع والإنتاج».
حالة إنتاجية نشيطة حفّزت القيمين على احتضانها وتوجيهها، من خلال توفير الفرصة الأكبر لها كما يروي قبيسي قائلاً: «شجعَنا ذلك على أن نوسّع نشاطنا ليكون على مستوى أكبر هذا العام، وخصوصاً بعدما رأينا أهمية هذا الحراك التنافسي والإبداعي وامتلاكه درجة عالية من التمايز والجمالية والتفاصيل. عندئذٍ، قررنا المشاركة على مستوى أعلى، فاتجهنا للعرض خارج المكان، وكانت بيروت. هناك، لم يصدق البعض أن هذه الأعمال الرائعة، هي من صنع متخرّجي BT مهنية وإنتاجهم».