لا تندرج المصاحبة ضمن لائحة الأوضاع الاجتماعية المعترف بها على بطاقة الهوية، ولا تحظى بإجماع، إلا أنها أصبحت ضرورة للكثيرين
ريتا بولس شهوان
ظن فادي، بعد صراع فاشل قام به مع «صاحبته» للحصول على كلمة سر بريدها الإلكتروني، بهدف التأكد من وفائها له، إنها تخفي عنه علاقات مشبوهة. لكنه أصرّ على اختراق خصوصياتها فوصل إلى هدفه بمساعدة من صديقه. هكذا نجح في القضاء على علاقته بيارا التي تعتبر أنّ تصرفاته «الطفولية» توترها وتؤثر عليها سلباً. قرار يارا بقطع علاقتها بصديقها لم يكن سهلاً عليها، إلا أنّها ترفض أن تخسر حياتها الجامعية من أجل علاقة «غير جدية». يارا ليست الوحيدة التي تعتبر أنّ عمرها لا يسمح لها بخوض علاقة تنتهي بالزواج. تسألها عن جدوى المصاحبة فتقول إنّ هذا النوع من الارتباط يهدف إلى قتل الشعور بالوحدة. «بدل ما البنت تضهر مع كذا حدا بتضهر مع شخص تعودتلو»، تقول.
كريستال، من جهتها، «تصاحب» وفق القاعدة الشرقية للعلاقة بين الرجل والمرأة، أي أنّ الرجل يدفع كل تكاليف «الضهرات». فهي سمعت من صديقاتها بأنّ الرجل إذا كان كريماً يحوّل حياة المرأة الشرقية الى مناسبة للاستمتاع بالحياة «على حسابه».
أما روبتا التي تبلغ 25 عاماً، فتظهر في عيونها نظرة حالمة عند إثارة موضوع «المصاحبة». تسأل بخجل «كيف يعني مصاحبة؟»، محاولة اكتشاف إذا ما كان خيار الزواج يدخل في هذا المفهوم. هي لا تصاحب إلا «بجدية» وبعد اقتناع بالشخص، وعلاقتها به اختبار لتكتشف أخلاقه وتصرفاته في المجتمع، وتكوّن فكرة عنه كرب عائلة. روبتا تبحث عن زوج في «صاحبها» أو خطيب مستقبلي. تبدو ناتاليا أقل تساهلاً من روبتا في موضوع المصاحبة، فهي كانت شاهدة أساسية على قصص خداع ونفاق وحفلات بكاء قامت بها صديقتها عندما اكتشفت أنّ صديقها كان «صاحباً»، في الوقت عينه، لأخرى. شددت ناتاليا على أنّها فتاة شرقية، وبالنسبة لأهلها المتدينين، علاقة كتلك تقع في خانة «الحرام».
في المقابل، كان كافياً إثارة موضوع جدية «المصاحبة» أمام شربل لينفي حتمية الزواج من صديقته بالرغم من اعترافه بأنها أقرب الناس إليه وبأن الجدية في العلاقة والتركيز على فتاة واحدة يعمق التواصل واكتشاف «شو بدو الواحد من هيك علاقة».
مازن لم ينف إمكان زواجه من صديقته عندما يصبح قادراً مادياً على القيام بخطوة كتلك، وبعد السؤال عن موضوع التهرب من الزواج بحجة المادة والاكتفاء بالمصاحبة، حدد مازن العلاقة في إطار التفاهم «بالتفاهم كلو بيتوضح وبينحل». مركزاً على شكل صاحبته ودينها، الذي من المحبذ ألا يختلف عن دينه «حتى ما تخلق مشاكل مع الأهل».
أما داني الذي يبلغ 23 عاماً، فرفض التحدث عن الزواج، مختزلاً العلاقة بـ«ماذا يحتاج وماذا يريد»، مشيراً إلى أنّ احتياجاته الحالية لن تكون عينها بعد بضع سنوات، ولا شيء يؤكد له أنّ صديقته قادرة على مواكبة تطوره وتلبية حاجاته.
يبدي محمد مقته من كلمة مصاحبة ليستبدلها بـ«كلمة أكثر جدية» كـ«كتب كتاب» أو خطبة، إذ إنّ «المصاحبة» تشير تلقائياً إلى الجنس لا الحب، والشاب ليس مضطراً لأن يصاحب إذا أراد ممارسة الجنس. يوافق شكيب على الحديث بإشارة من رأسه ولا يمانع خوض «تمثيلية المصاحبة» والاهتمام المفرط بصاحبته بهدف تلبية كل حاجاته العاطفية والمعنوية كما الجنسية، أما عند العجز عن تلبية تلك الحاجات، فينتقل إلى أخرى.
يضحك إبراهيم لدى سؤالنا عن المصاحبة. يعتبرها حيلة من صنع النساء لا الرجال. فالنساء أكثر المستفيدين من هذا المفهوم. «نبدأ معهن بعلاقة مش جدية وبعلقونا». يشبه ما يحصل السيناريو بلعبة الفأر والقط في فترة المصاحبة «بتلحقنا البنت وبس نتعود وننغرم، بيبطل فينا نعيش بلاهن»، حتى أنّ النساء يتأقلمن مع «صفعات» عاطفية ويتعلمن منها ليصبحن أقوى على الرجال.