على امتداد العام، تحفل أسواق الخضر والفاكهة بأنواع كثيرة من منتجات الأرض التي يتلهّف المستهلكون لشرائها. فهذه الأنواع، على كثرتها، يدخل كلّ منها إمّا في طبخة أو في سلوكٍ غذائي أو حتى قد تكون مصدر غذاءٍ وحيداً، كما هي الحال مع النباتيين. بعيداً عن التصنيفات، تلفت بعض أنواع الفاكهة والخضر النظر، لأنّها تؤكل قبل أن تنضج، أو حتى قبل وصولها، زراعياً، إلى ما يفترض أن تكون عليه في حالتها النهائية. هذه مثلاً حال الكرات الخضراء الصغيرة التي تسمى «جرنك»، التي يفترض أنّها من المراحل النهائية لنضوج فاكهة الخوخ الشهيرة. تبدأ هذه الفاكهة الحامضة الطعم بالانتشار على عربات الباعة وفي صناديق الدكاكين مع بداية فصل الربيع، حين تسيطر مع فاكهة المشمش الهندي أو «الإكيدينيا» على مبيعات الفاكهة لمدّةٍ لا تقل عن شهر، قبل نزول «العوجا» أو اللوز الطري إلى الأسواق. حال اللوز مع «العوجا» تشبه وضع الخوخ مع الجرنك، حتى على مستوى استعماله في صناعة الكبيس. فاللوز الأخضر الطري يصلح لأن يكون كبيساً، إذ يعتبر أساسياً على بعض الموائد، بصفته كبيساً ومن المقبلات التي تفتح الشهية، بدلاً من تصنيفه الدائم في خانة مأكولات التسلية المملّحة بحسب رغبة المستهلك. وكذلك الحال بالنسبة إلى الجرنك، ولكن بحدّة أقل، إذ يظهر كبيس الجرنك كحالةٍ خجولة بين أنواع الكبيس. وإلى أن يصبح «الجرنك» خوخاً و«العوجا» لوزاً، يستهلك المواطن هذه الأنواع من الفاكهة بأسعارٍ تبدأ مرتفعةً جداً (حوالى 6000 للكيلو الواحد)، ولا تلبث الأسعار أن تنخفض رويداً رويداً، حتى تصل إلى 1000 ليرة للكيلو، وخصوصاً حين يكون اللوز قد يبس، وحان وقت تكسيره للوصول إلى لبّه الأبيض. كذلك، يسهل الحديث عن عدّة منتجات طبيعية أخرى تُستهلك قبل أوانها، كالحصرم والفول والحمّص. والحصرم الحامض والحاد الطعم ينتشر كثيراً في القرى، وخصوصاً عند ملّاك العرائش، الذين لا يأبهون لنقصان عنقودين أو ثلاثة عناقيد عنب، لقاء تناول الحصرم، أو تنشيفه وتحويله إلى فاكهةٍ مجفّفة شهيرة، وهي الزبيب. أمّا الحبوب، فلها قصّة أخرى. فبينما لا يرى البعض الفول إلا مدمساً، والحمص إلا معجوناً بالطحينة أو مسلوقاً في أكواب البليلة، نكتشف أنّ الفول الأخضر يستعمل في كثيرٍ من المأكولات، قبل أن يجعله البائعون «كلاوي» ويسترزقون منه.
حال الحمّص مع «الأم قليبانة» تشبه حال الفول اليابس مع الفول الأخضر. الأسعار متنوعة ومختلفة، ومن لم يكن له باع طويل مع بائعي الخضر، سيفاجأ بالأسعار المرتفعة، فالفول والحمص النيّئان «أكلة طيبة كتير متل اليابسة».
(الأخبار)