طرابلس ــ عبد الكافي الصمدمن يتجوّل في شوارع طرابلس ويشاهد صور المرشحين والملصقات الانتخابية لا تزال معلقة على الجدران والأعمدة والشرفات، يظن أن المعركة الانتخابية لم تبرحها، أو كأن المواطنين مدعوون للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع في اليوم التالي.
فباستثناء المبادرة الذاتية التي اتخذها أصحاب محالّ تجارية موجودة على جانبي بولفار طرابلس الممتد من مدخلها الجنوبي في محلة البحصاص وصولاً إلى ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور)، بإزالة كل ما يتعلق بالانتخابات فيه قبل إجرائها، بقيت شوارع عاصمة الشمال غارقة في بحر من صور المرشحين، وخصوصاً في المناطق الشعبية والأحياء القديمة، إذ «مع أن الصورة تكلف أكثر من 100 دولار لوضعها في مكان ما، فإن إزالتها التي لا تكلف أكثر من 5 دولارات لا تجد من يبادر إلى القيام بها وتخفيف تشوّه المنظر العام»، على حد تعبير رئيس لجنة الآثار والتراث في بلدية طرابلس الدكتور خالد تدمري.
ويوضح تدمري أن الصور التي وُضعت في الأحياء القديمة، إذ ما زالت أعمال الترميم وإعادة التأهيل جارية فيها، قد «أسهمت في تشويه الأماكن الأثرية والتاريخية، لأن الصورة إما أن تلصق على الجدار بمادة صمغية، ما يجعل إزالتها صعبة، ويؤدي ذلك غالباً إلى تشويه موضع إلصاقها، أو تُدَق بمسامير وتربط بالحبال»، مستغرباً كيف أن «مرشحين تحدثوا في برامجهم عن الحفاظ على الأماكن الأثرية، وهم يشوهونها». ويطالب تدمري بأن يتضمن قانون الانتخابات المقبل «إلزام المرشحين إزالة صورهم على نفقتهم، أو أن يلزمهم وزير الداخلية أو البلديات المعنية بذلك»، مشيراً إلى أن تعليق الصور في طرابلس «قصة فلتانة على الآخر، إذ إن أغلب الصور التي تنشرها وكالات الأنباء العالمية عن الانتخابات اللبنانية، تتصدرها الصور العشوائية المنتشرة في أحياء ضهر المغر والحارة البرانية ومحيط نهر أبو علي في طرابلس».
بدوره، يلفت محمود مقصود إلى أن «اللمسات الجمالية التي طبعت منازل حي ضهر المغر بعد طليها من الخارج قبل سنتين تقريباً، قد اختفت بعدما غطتها الصور، وتراودنا مخاوف من أن تزداد عملية التشويه في الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة. عندها قد تتحوّل المنطقة إلى غابة من الصور».