بيّنت دراسة أجراها علماء في جامعة أوكسفورد كيفية انتشار السرطان المتنقّل في خلايا الدماغ. وأثبتت الدراسات المخبرية التي أجراها الدكتور روث ماتشل وزملاؤه على الخلايا البشرية والفئران المخبرية أن الخلايا السرطانية تتركّز في البداية داخل الشرايين التي تغذّي الدماغ بالدم، لا داخل الخلايا العصبية. تبلغ نسبة الحالات التي تبدأ بهذه الطريقة 95% مقابل 5% فقط ينتشر فيها المرض في الخلايا العصبية أولاً. هذا الأمر يسمح للخلايا السرطانية بالتكاثر من دون الحاجة في المرحلة الأولى إلى «خلق» شرايينها الخاصة المغذية لنموّها. كذلك بيّنت التجارب أن هذه الخلايا تحتاج إلى وجود بروتين الأنتغرين كي تلتصق بالجدران الداخلية للأوعية الدموية. وقد وجد العلماء هذا البروتين على الغشاء الخارجي للخلايا المريضة، ثم أزالوا الأنتغرين، مّا أدى إلى عجز الخلايا عن الالتصاق، وبالتالي إلى توقّف نموّ الورم. عدد حالات السرطان التي تنتقل إلى الدماغ من أماكن أخرى مصابة بالسرطان يفوق بعشرة أضعاف عدد الإصابات بسرطان الدماغ المباشر. ويرى الدكتور شاون كاربونيل من جامعة أوكسفورد أن معرفة هذه الآلية تسمح باستنباط علاجات جديدة تستهدف بروتين الأنتغرين، وذلك للحدّ من نموّ الورم السرطاني. هذا الكشف يفتح نافذة أمل للمرضى الذين يعانون من هذا النوع من السرطانات، ولا سيّما إذا شُخِّصت حالتهم في المراحل الأولى، أي حين تكون الخلايا السرطانية في بداية «احتلالها» للأوعية الدموية الدماغية. من المعروف أن معدّل حياة المرضى المصابين بالسرطان الدماغي المنتشر لا يتعدّى تسعة أشهر مهما كان العلاج قوياً. طبعاً ما زالت الدراسات في بدايتها، لأن «إزالة» الأنتغرين غير ممكنة داخل الدماغ البشري الحيّ. لكن يأمل فريق الباحثين في أوكسفورد أن يكون اكتشاف الآلية الخطوة الأولى نحو استنباط مواد وآليات علاجية جديدة، وأن تتمكّن هذه الأخيرة من «معالجة» الأنتغرين وتعطيل تسلّل الخلايا السرطانية نحو الدماغ والجهاز العصبي المركزي.
(الأخبار)