عكار ــ روبير عبد اللهولأن العاصفة استدرجتك إلى هذه المنطقة النائية، تكتشف مشاكل آخرىن ليس أكبرها عدم تزفيت الطرقات التي من المفروض أن تسلكها المحاصيل الزراعية، ما يضاعف كلفة الموسم على المزارع. هكذا، تكتشف طريقاً ترابية بطول 15 كيلومتراً، تنتشر على جنباتها مئات الحقول التي يزرعها أهالي فنيدق ومشمش وبيت يونس بالتفاح والكرز والإجاص وسائر أنواع الخضر العالية الجودة، إلا أن أسعارها تتضاعف بسبب صعوبة النقل. كذلك تلقي الطريق على الأهالي المزيد من الأعباء في سبيل الاعتناء بالمزروعات، فترتفع كلفة الإنتاج إلى مستويات قد تدفعهم إلى هجر الأراضي وترك الأعمال الزراعية.
لكنّ تلك الطريق، وعلى الرغم من وعورتها، تشهد حركة شاحنات صغيرة، تنقل مختلف البضائع «المهرّبة». فهل يكون «التهريب» مفتاحاً للغز عدم تعبيد الطريق وإبقائها «على الطريقة اللبنانية» خارج السيطرة؟ وبالتالي، هل تكون منفعة حفنة من المهربين أولوية، بينما مصلحة آلاف المزارعين لا ترقى إلى مستوى اهتمام المسؤولين؟
هذا التسيّب يطرح أسئلة أخطر وأعمق، تطال بنية التكسّب في عكار التي تبقي مجالات العمل المربح في نوع من الاقتصاد الوهمي المدمّر للاقتصاد الفعلي، والذي يجعل إرادة راغبي الربح السريع، ولو على حساب غالبية أبناء المجتمع، أداة طيّعة في خدمة أصحاب النفوذ، إذ غني عن البيان أنّ وقف التهريب يتجاوز تفصيلاً بمثل هذا المستوى من البساطة أو التبسيط.