ريتا بولس شهوانعندما يعلن الرجل إفلاسه، يحتضنه المجتمع لكونه «رجّال»، بالمفهوم الشرقي، أي إنه يتحمّل الأعباء المادية. أما المرأة، فإفلاسها مستهجن، لأن استقلاليتها المادية مستحدثة. لذا، لا تعلنه، بل تموّهه متذرّعة بـ«ما قلي جلادة، ما عبالي روح محل». على هذا السلوك، يكون ردّ فعل العائلة والأصدقاء واحداً: «ليش؟ شو صاير عليكي؟». ريمي تابت، المتخرجة حديثاً، لاحظت أن «مجتمعنا يحرّم الإفلاس على المرأة»، مستندة إلى تجربة شخصية: «حبيبي أصدر حكم إعدام بحقي ناعتاً إياي بالبورجوازية المزاجية لأنني رفضت مرافقته إلى عشاء في أحد المطاعم».
لا يقتصر شعور ريمي على الاحتجاج، بل يتخطاه إلى المرارة، لأن الرجال لا يأخذون بعين الاعتبار التحوّل الذي طرأ على دينامية العلاقة بين الثنائي: فعدم معاناة المرأة سابقاً من أعباء مادية يعود إلى أنهم كانوا يتكفّلون بها هم! وفاتورة المطعم أسطع مثال. لم يعد مصروف المرأة اليوم يقتصر على الثياب والماكياج وغيره، بل أصبح جزءاً كبيراً منه يرصد لمشاركة الرجل في مصاريف الثنائي. رغم ذلك، فضّلت ريمي أن تتهم بالمزاجية على أن تعترف بإفلاس لم تتعوّد النساء في مجتمعاتنا الاعتراف به. جنان، صديقتها، تفضّل الهروب من الناس في حالة تعرّضها لضيق مادي، مثلها مثل الكثير من اللواتي تعوّدن أن يكفلهنّ الأهل والرجل مادياً ولم يعتدن بعد مفهوم الاستقلال المادي وما يستتبعه أحياناً من إفلاس لا يجب أن يكون معيباً.