ملاك وليد خالديعني أن تكون أساسياً كالماء؟ مُشتهى كالماس؟ شفافاً؟ ثميناً؟
إذا أردت أن أفهم فعليّ أن أتعرّف أكثر إلى ذاك الصديق الممزق بهويته المقسومة كفلسطين، وأن أعرف فلسطين تلك التي تمنحه صفة النقاء. وكيف لي ذلك وهناك كل تلك الحدود؟
لقد شوّه الاحتلال كل شيء، حتى فهمنا للغة. لن أستطيع يوماً أن أفهم معنى النقاء (ناهيك عن ربطه بمفاهيم تزيده تعقيداً في نظري، كالنقاء الثوري أو اليساري، يا لطيف!). وعليه: فقد قرّرت، بصفتي من ضحايا الاحتلال المعذبين بقصور قدرتهم على فهم القضية وشربكات علاقة الفصائل بعضها ببعض وجدلية علاقتها مع لبنان وازدواجية الإحساس بالأردن كوطن للفلسطينيين والمنظور السوري للتعاطي مع القضية والموقف العربي من تهويد القدس، قررت أن الإسراف في التفكير مضر بالصحة، وكذلك معاشرة المثقفين الذين يفرفطون روحي لكثرة ما يفرطون باستخداماتهم الغريبة للغة، حين يأتون بتراكيب كلام هو في الحقيقة مربك أكثر مما هو دقيق. كان التطبيق العملاني لما ورد أعلاه أنني أرسلت لصديقي الذي في حيفا رسالة أخبرته فيها أني ممتنة لوجوده في حياتي، دون أن أذكر أن ذلك بسبب كونه نقياً أو لأن لديه عيوناً فائضة عن الحاجة، بل لأنه ببساطة يفهمني دون كلام كبير، ولا يجعلني أشعر بأني بحاجة لمعجم كي أحكي معه عما هو أساسي كماء، غال كالماس، نقي كروحه.