مضت 34 عاماً قبل أن تقول العدالة كلمتها، في جريمة قتل وقعت في منطقة ذوق مكايل ـــــ شرق بيروت. توجّه فؤاد (اسم مستعار) يومها إلى منزل ذوي زوجته سارة (16 عاماً ـــــ اسم مستعار). سردت المحكمة وقائع القصة كالآتي: قرع الباب بيد، وحمل المسدس الحربي بيده الأخرى. استقبله شقيق زوجته فاتحاً له الباب. وقع نظر فؤاد على والدة زوجته مباشرةً، التي كانت جالسة على كنبة في وسط المنزل. عاجلها بطلق ناري في الرأس، كان كافياً لقتلها. سمعت ابنتها (شقيقة الزوجة) صوت الطلق الناري، فركضت من المطبخ حيث كانت، إلى الصالون. رأت أمهما مضرّجة بالدماء، وفؤاد شاهراً مسدسه. حاولت ضربه بمنفضة، فأطلق النار عليها. أصابها برصاصتين، واحدة اخترقت الرأس، والثانية أصابت الكتف. نُقلت بعدئذ إلى المستشفى، وخضعت لجراحة عاجلة نجحت في إنقاذ حياتها. فرّ بعدها فؤاد إلى جهة مجهولة، وأعقبت الحادثة سنوات الحرب الأهلية، لتعود محكمة الجنايات وتصدر حكمها الغيابي بحقه في 23/6/1994. ذكرت المحكمة الوقائع الآنفة الذكر، كما ذكرت شهادات مختلفة، منها شهادة ابن القتيلة، الذي نفى أن يكون قد استقبل فؤاد على الباب، لأنه «كان يحلق لحيته في الحمام آنذاك، وأنه لم يلحق بالمتهم بعد إطلاق النار، بل اهتم بوالدته التي كانت لا تزال على قيد الحياة». وفي المقابل، ذكرت المحكمة أقوال فؤاد، الذي أفاد أنه لم يكن يقصد قتل حماته، بل توجّه إليها لشرب القهوة، بعد مشاكل كثيرة طبعت حياته الزوجية مع ابنتها. ويعلّل الأسباب بأن والدة زوجته كانت «تتعاطى الدعارة السرية، وتسهّلها لابنتها التي تزوجها»، إلا أن الخلاف بينهما نشأ بسبب منعه زوجته من التعاطي مع أمها، ومنعها من زيارتها، فيما كانت الزوجة «تصرّ على المحافظة على علاقتها بالوالدة»، ما أدى إلى هجر بين الزوجين، وقد فشلت العديد من محاولات الصلح بينهما، التي كانت آخرها يوم وقوع الحادثة في 17/7/1975. أشارت المحكمة إلى أن فؤاد أيقن يومها «أن الوالدة تريد إبقاء ابنتها إلى جانبها والتمادي في انحرافها»، فقرر التخلص منها. بيد أن الزوجة أفادت أمام المحكمة، أن فؤاد اغتصبها، ثم تزوجها لتغطية اغتصابه لها، وأنها «لم تكن تمارس الدعارة، بل كانت تهرب من المنزل الزوجي إلى أمها، لأنه كان يسيء معاملتها، كما أتلف محتويات المنزل بما فيه غرفة النوم التي أحضرتها لها والدتها». وأضافت في إفادتها إنها في يوم الحادثة لم تكن في منزل الوالدة، بل كانت في منزل جدها، «حيث أمضى فؤاد الليل معها، وفوجئت في اليوم التالي بقتله لوالدتها».وفي القانون، لم يجرِ توقيف فؤاد خلال هذه المدة، فعادت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة اسكندر، والمستشارين وليد القاضي وهاني عبد المنعم حجار، وأصدرت حكماً غيابياً يوم 25/6/2009 بإنزال عقوبة الإعدام بحق فؤاد، وفقاً للجناية المنصوص عنها في المادة 549 عقوبات، وبخفض هذه العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، عملاً بالمادة 4 من قانون العفو الصادر 28/3/1991، لكون الجرم قد حصل قبل هذا التاريخ. وألزمت المحكمة فؤاد بدفع مبلغ 15 مليون ليرة لبنانية، لشقيقة الزوجة (أصابها المتهم بالرصاص) وذلك عن «جرم محاولة قتلها»، بحسب نص المحكمة.
(الأخبار)