مجدل عنجر ــ أسامة القادريإذا قورنت مجدل عنجر بالمكسيك، مساحةً وعدد سكان، فإنّه يمكن القول إن ضحايا التهاب الكبد الفيروسي (الصفيري) الذي أصاب نحو 200 من أبناء البلدة يتجاوز بأشواط عدد المصابين بأنفلونزا الخنازير. لكن لا وجه للمقارنة، ليس بسبب اختلاف المرض فحسب. بل لأن الأسباب التي أدّت إلى انتشار مرض الصفيري ناجمة، بحسب الأهالي، عن إهمال مزمن في إصلاح شبكات المياه المهترئة منذ أكثر من 20 عاماً ما يسبّب اختلاطها بمياه الصرف الصحي، اللهم إلا إذا أثبتت تحاليل وزارة الصحة غير ذلك.
لكن لا يمكن الاطّلاع على نتائج هذه التحاليل إلا غداً الخميس، رغم أن المرض انتشر بين أبناء البلدة منذ أكثر من أسبوع. والسبب أن العيّنات التي أُخذت من البلدة الأسبوع الفائت لم تصل إلى المختبر في الوقت المناسب، بسبب عطلة عيد العمال التي تلتها العطلة الأسبوعية ما أدى إلى فساد العيّنات.
هذا ما استدعى إرسال لجنة ثانية لأخذ 18 عينة عشوائية من جميع الأحياء في البلدة: قبل وصول المياه إليها وبعد وصولها، قبل وصولها إلى الأحياء الداخلية وبعد وصولها، إلى أن تؤخذ أخيراً من «الحنفيات».
في الانتظار، يعيش الأهالي حالة من القلق بسبب تفاقم الحالات، وسرعة انتشار العدوى. فالمرض لم يقتصر على حيّ أو مدرسة، بل تفشّى بين الأطفال بنسبة 70 % في جميع مدارس البلدة وأحيائها ما رفع عدد المصابين إلى نحو مئتي حالة، حسب الأهالي، فيما قدّرت مصادر في وزارة الصحة عدد الحالات المصابة والمسجلة لديها بـ28 حالة، أدخلت منها 9 حالات فقط إلى المستشفى.
يقول هشام ناصيف (18 عاماً)، الذي يرقد في مستشفى البقاع منذ أسبوع، إنه لم يكن يعرف أن سبب آلام بطنه وانحطاطه والدوار الذي رافقه لثلاثة أيام هو «الصفيري» إلا بعد تفاقم الألم، الذي استدعى دخوله المستشفى ليتأكد فيما بعد من أنه مصاب بـالتهاب الكبد الفيروسي فئة (أ). ويقول هشام إنه ليس الوحيد المصاب بهذا الفيروس في الحي الذي يقطنه، فإضافةً إلىه انتقلت العدوى إلى شقيقتَيه «هناك أكثر من عشر حالات في حيّنا وسط البلدة مصابة ولا تتعلّم في مدرستنا». أما رانيا (17 عاماً)، التي تدرس في ثانوية البلدة، فتشير إلى أنها بدأت تعاني آلاماً حادة في بطنها، إضافةً إلى الغثيان والدوار رغم أنها لم تكن تستعمل على الإطلاق مراحيض المدرسة.
رغم ذلك، امتنع العديد من أهالي الطلاب عن إرسال أبنائهم إلى المدارس. هذا ما أكده أحد مديري المدارس في البلدة، مضيفاً إن مدير المدرسة الرسمية اتصل بالمدير العام لوزارة التربية لإطلاعه على الأمر، وقد اتصل الأخير بالمدير العام لوزارة الصحة للمتابعة.
رئيس البلدية حسن ذيب صالح أوضح أنه أجرى اتصالاً عبر المحافظة بمركز وزارة الصحة في البقاع، وبناءً على هذا الاتصال حضر فريق للكشف على مياه الشفة، وعمل على أخذ عيّنات عشوائية من جميع أحياء البلدة و«ما زلنا ننتظر جواب النتائج المخبرية». وفي الانتظار، «تمنينا على مديري المدارس أن يعملوا على تعقيم الحمّامات، وتوعية الطلاب على الوقاية من انتقال العدوى».


العدوى سهلة

أكد الدكتور داني حمزة، الطبيب الذي شخّص المرض في البلدة وعاين العدد الأكبر من الحالات، تفاقم عدد المصابين، متخوّفاً من انتشاره لأنه لا يظهر إلّا بعد أسبوع من التقاطه الفيروس. أمّا عن طريقة انتقاله، فلفت إلى أن العدوى تنقل عبر الفم بعد تناول المأكولات أو المياه الملوثة، أو بسبب عدم غسل اليدين بعد استعمال المرحاض. ويرجّح أن يكون سببه استهلاك مياه ملوّثة «لأن جميع الإصابات منتشرة في جميع أحياء البلدة، وغير منحصرة في مكان واحد».
لكنه أكد أن هذا الاحتمال مرهون بنتائج وزارة الصحة التي أخذت عيّنات من مياه الشفة، لافتاً إلى أن لقاح «الصفيري» الذي يعطى للأطفال هو من فئة (ب) ولا يصلح عندنا في لبنان.