محمد محسنهل يشارك الشباب في صناعة القرار داخل أحزابهم؟ أين دورهم في صوغ السياسات الرسمية المرتبطة بأوضاعهم على تنوعها؟ مثّلت هذه الأسئلة المحاور الـ14 التي تناولتها ورشة عمل نظّمها مكتب الأونيسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية بالتعاون مع جمعية «مسار»، ضمن مشروع «المشورة السياسية للسياسات الشبابية». في مجمع «هوليداي إن ديونز»، عند التاسعة من صباح السبت الماضي، اجتمع حزبيّون من مشارب مختلفة، وأعضاء من هيئات المجتمع المدني والإعلام، لمناقشة وتعديل بنود التحديات والتوصيات التي كتبها المنظمون على أوراق عملٍ تنوعت مواضيعها بين التعليم، العمل، المنظمات الشبابية، الاندماج الاجتماعي، الصحة، الهجرة، الثقافة وعناوين أخرى، ويحتاج كل منها إلى ورشة عمل مستقلة لبحثها.
خلال الجلسات، توزّع المجتمعون على ثلاث قاعات، احتلّتها مجموعات يناقش أعضاء كل منها القضية التي يرى أنه قادر على التأثير فيها.
في موضوع العمل والمشاركة الاقتصادية، أثارت قضية زراعة الحشيشة وتأطير الدعارة جدالاً، بين مؤيد ومعارض. أما على مستوى المواطنة والاندماج الاجتماعي، فقد توافق الحضور، من دون ضجيج، على اعتبار الطائفية السياسية مرضاً ينبغي التخلص منه، فيما أثار الزواج المبكر ودعم الدولة له في مقابل دعمها لفرص العمل، نقاشاً واسعاً، إذ رأى البعض، معتمدين على النموذج الإيراني، أن الدولة يجب أن تدعم الزواج المبكر، فيما رأى البعض الآخر أن أولويات الدولة بعيدة عن ذلك، ويجب أن تصبّ في دعم دخول الشباب إلى سوق العمل بدل «القفص الزوجي».
نقاش امتد، بعد انتهاء جلسات الصباح، ليشغل المشتركين خلال فترات الغداء والاستراحة. قبل بداية الدورة الثانية، كانت الأعصاب قد «بردت» قليلاً، فتحدث أحد المنظمين، كمال شيّا، عن منتدىً شبابي يحمل هموم الشباب وجميع قضاياهم، سيؤسس بالتعاون مع جمعياتٍ أهلية وبلدياتٍ وأحزاب، متوقعاً مواجهة صعوباتٍ أبرزها تخوّف الأحزاب من أن يكون المجتمع المدني بديلاً يستقطب الشباب بدلاً منها. توزع المتحاورون من جديد، لمناقشة ثلاثة مواضيع جديدة. أوصى الذين ناقشوا الوضح الصحي بمنع إعلانات التدخين والكحول، مطالبين بعرض العدد الفعلي لحالات الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة.
في النهاية، اتفق المشتركون على توصياتٍ سياسية أبرزها تعديل قانون 1909 والقانون الرقم 2004/629 المتعلقين بإنشاء الجمعيات، وخصوصاً لجهة خفض سن مؤسسي الجمعيات إلى 15 عاماً. أما في مسألة التربية، فقد جوبهت المطالبة بإلغاء التعليم الديني، باقتراح كتابٍ رسمي يشرح جميع الأديان للطلاب. كذلك، انتقل الخلاف داخل وزارات التربية على كتاب التاريخ الموحد إلى أروقة ورشة العمل، إذ انقسم المجتمعون أمام خيارين، كتاب تاريخٍ موحد، أو كتاب يروي الأحداث على اختلاف مصادرها، بينما برزت توصية دعت المدارس الرسمية إلى اتباع منهجية أكثر احترافية مع ذوي الاحتياجات الخاصة. كانت كلمة «تشجيع» الأكثر استعمالاً عند مطلع كل توصية، وهو ما يؤخذ على ورشة العمل، التي اختتمت بالتأكيد أن التوصيات سترفع إلى مجلس الوزراء المقبل، من دون أن تقرنها بآلياتٍ التنفيذ المطلوبة.