ضاق صدر الجامعة الذي احتضن يوماً «حركة القوميين العرب»، بصور سناء محيدلي ولولا عبود واجتياح 82 والفوسفور الذي أمطر على غزة، إذ رفضت إدارتها مشروع الطلاب بإقامة معرض عن المقاومة لأن «الناس زهقت من الرصاص ونحنا جامعة مش معسكر» كما جاء في ردّها على اتصال مع «الأخبار»
رنا حايك
«جايبنلي صور كلها رشاشات. ليش نبلي الجامعة بصور القذائف والرصاص والمهتمين ما بينعدّوا عالأصابع؟». بهذا السؤال المضادّ ردّ عميد الطلاب في الجامعة الأميركية، الدكتور مارون كسرواني، على سؤال «الأخبار» عن السبب الذي دفع بإدارة الجامعة إلى رفض معرض «من معركة الكرامة إلى حرب غزة» الذي كان من المزمع إقامته خلال اليومين الماضيين. فقد كان «نادي تراث بيروت» و«النادي الثقافي الفلسطيني» و«النادي العلماني» تقدموا إلى إدارة الجامعة باقتراح إقامة المعرض، وأرفقوه بنماذج عما سيحتويه من صور: صور من جبهة المقاومة الوطنية، اجتياح 82، عدوان تموز 2006، بورتريهات لشهداء قضوا دفاعاً عن عقيدتهم وقضيتهم، صور من التحرير عام 2000، أخرى لطفل يرشق ملالة إسرائيلية في الجنوب اللبناني بحجر «هو قنبلة في وجه الاحتلال» كما كتب على الملصق الذي يحتويها، وطبعاً... حنظلة.
في الكاريكاتور الذي اختاره المنظمون من أعمال الفنان ناجي العلي، يظهر حنظلة مستنداً إلى سلاحه، تظلّله عبارة مفادها أنه لا يعرف سوى خط أحمر واحد: ليس من حق أي نظام عربي إقامة صلح مع إسرائيل.
عبارة ربما فاق التخوّف من تأثير دلالتها ذلك المتعلق باستعادة صور عنف وسلاح، إذ يشدّد عميد الطلاب على أن «هناك فريقاً لا يستهان به، يعتقد أن استرجاع فلسطين يتم بطريقة أخرى غير السلاح. هل أسمح للانقسام الفلسطيني بأن يترجم على أرض الجامعة؟». أو، بعبارات أخرى، أوضح وأكثر دقة: «كيف منتصرف إذا إجو بكرا جماعة فتح واعترضوا على صور الرشاشات. منعمل مشكلة بالجامعة؟».
أنعمل مشكلة في الجامعة؟ ذلك التساؤل، الذي صدر عن حسن نية من جانب العميد، هو مكمن «المشكلة». فالطلاب، الذين يجمعون على التنويه بسياسة إدارتهم التي تعزّز دائماً إقامة الأنشطة، وتشجّع الطلاب على المشاركة بها، يعجزون عن تفهّم موقفها، هي التي دارت فيها، تاريخياً، أمهات فصول الحراك السياسي والثقافي والفكري العربي.
لا يستقي الطلاب أمثلتهم من التاريخ فقط، إذ يسردون قائمة طويلة من النشاطات التي سمحت الإدارة بإقامتها في الماضي القريب بينما رفضت المعرض الذي تقدموا إليها بطلب إقامته. في هذا الإطار، يرى أحد أعضاء النادي العلماني في الجامعة أن «الهيئة الإدارية تمارس نوعاً من الاستنساب في قبولها بالنشاطات. فكيف يهدّد معرضنا بتغذية انقسام بين فريقين لا يهدّد به احتفال سمحت الإدارة لمشجعي فريق 14 آذار بتنظيمه في ذكرى الاستقلال الثاني؟». يستنكر هذا الطالب مواقف الجامعة «الهلامية» التي لم تعد تستند، بنظره، إلى معايير ثابتة، مستشهداً على ذلك باستثناءات تسمح بها من قبيل «سماحها لبعض النوادي في الجامعة باستضافة مرشحين إلى الانتخابات النيابية، رغم أن نظام الجامعة لا يسمح بذلك».
طالب آخر، من نادي بيروت التراثي، أحد الأندية المنظمة، يؤكّد أن المقاربة التي كان الطلاب قد اقترحوها بريئة تماماً من «البروباغندا»، وأنها كانت مقاربة تاريخية محض لتاريخ المقاومة العربية، كما يؤكد عند سؤاله عن المحتوى العنفي للصور بأن أياً منها «لا تحوي نقطة دم واحدة»، وبأن التبريرات التي قدّمتها الإدارة غير مقنعة.
إحداها، أكد فيها عميد الطلاب للـ«الأخبار» أن الشباب لم يكونوا جديين كفاية، إذ إنهم «رضخوا بمجرد أن منعناهم ولم يصروا أو يلتمسوا». رضوخ يعزوه المنظمون إلى سبب لوجستي بحت، إذ أبلغوا بالرفض قبل موعد المعرض بثلاثة أيام فقط.


الحركة الطالبية السياسية مقموعة

«روّقولنا اياها، داخلين ع انتخابات وخلصنا من الحرب، ما بدنا كلاشينات وقنابل». هذا ما أجابت به الإدارة بحسب الطلاب. تبرير لا يقنعهم. فالموضوع أبعد من الانتخابات و«الرفض كان متوقعاً»، كما يؤكد أحد أعضاء النادي الثقافي الفلسطيني. ففيما وثّقت كتب كثيرة للنشاط الطلابي في الجامعة خلال الثمانينيات حين كانت صور العمليات الفدائية تنتشر على جدران الجامعة، أصبحت الحركة الطلابية السياسية اليوم مقموعة كما يشرح: «حتى خلال أحداث غزة، لم يسمح لنا سوى بالتعاطف الإنساني فقط مع أهالينا، من دون ذكر المقاومة. إلا أننا نستمر في محاولات تنشيط الحركة الطلابية السياسية من خلال أعمال رمزية أحياناً كحرق العلم الإسرائيلي، رغم تلقينا للتأنيب عليها لاحقاً».