الضنية ــ عبد الكافي الصمدلم يسبق لقضاء الضنية ـــــ المنية أن حاز اهتمام المراقبين والمعنيين بالشؤون الانتخابية، سواء كانت نيابية أو بلدية أو اختيارية. وغالباً ما كانت الجمعيات أو الهيئات ذات الشأن تكتفي بإرسال مندوبين عنها إلى بعض بلدات وقرى القضاء، ليقتصر عمل هؤلاء على وضع تقارير هامشية لم تكن تقدّم أو تؤخّر في واقع الأمر شيئاً.
تعود أسباب عدم إيلاء هذه الجهات اهتماماً كافياً بالقضاء المذكور إلى أمرين: الأول أن الانتخابات في السابق كانت تتم على أساس المحافظة (دورتي 1992 و1996)، أو نصف المحافظة (دورتي 2000 و2005)، بحيث كان القضاء ملحقاً بأقضية أخرى ذات وزن انتخابي وسياسي أكبر، وبالتالي فتجاهله كان بمثابة أمر واقع تفرضه موازين انتخابية معروفة.
أما السبب الثاني فيرجع إلى ارتباط هذا القضاء اقتصادياً واجتماعياً، وإلى حد ما سياسياً، بمدينة طرابلس، التي كان أهلها ومسؤولوها ينظرون إلى الضنية والمنية، ولا يزالون، على أنهما «الامتداد الجغرافي والطبيعي» لعاصمة الشمال، ما جعل جمعيات مراقبة الانتخابات تكتفي بفتح مكاتب لها في طرابلس، ومنها يتم إرسال مندوبين لمتابعة التطورات وإعداد التقارير. لكن «إجراء الانتخابات هذه المرة في يوم واحد، استدعى منا حضوراً في كل المناطق، للاطلاع على مجريات العملية الانتخابية ميدانياً»، يقول لـ«الأخبار» منسّق مركز «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات والتحالف اللبناني لمراقبة الانتخابات» فادي درباس، غداة افتتاح المركز أمس في بلدة كفرشلان.
ويشير درباس إلى أن قانون الانتخابات الحالي «أعاد الاعتبار للقضاء كدائرة انتخابية، وفرض ذلك أمراً واقعاً جديداً لم يعد بالإمكان تجاهله، وخصوصاً بعدما ترافق الأمر مع تطورات سياسية وانتخابية هامة، جعلت من التعاطي السابق أسلوباً غير عملي ولا يحقق الأهداف المنشودة». ويلفت الرجل إلى أنه «جرى تأمين وتجهيز 23 مركزاً لهذه الغاية، وتجنيد نحو 3 آلاف متطوع».
لكن المحامي حسين الصمد، أحد المشاركين في حفل افتتاح المركز، يوضح لـ«الأخبار» أنّ «أعضاء في اللجنة أخبرونا أنهم أعدّوا تقارير عن مخالفات انتخابية حصلت، لكنهم لم ينشروها بسبب خوفهم من انعكاساتها السلبية على المنطقة». لذا سأل الصمد: «كيف سيواصل المراقبون عملهم، وأين هي الموضوعية والشفافية؟ وهل سيقتصر دورهم على تحوّلهم عدّاداً للمخالفات، فلا يضعون حداً لها أو يتطرقون إليها، وهذا أضعف الإيمان؟».
ويلفت إلى أنّ «هناك حديثاً واسعاً عن مخالفات ورشى مالية تحصل بعيداً عن الأنظار، فكيف سيراقبونها، وما هو دور جمعيات كهذه في هذا المجال، وهل ادعاء الاستقلالية يكفي للقيام بالمهمة التي تطوّعوا لأجلها؟».