كارين عبد النور زيادةمتى يجب التكلم مع الطفل عن الحياة الجنسية؟ ما هو العمر المناسب للقيام بذلك؟ وهل تقع هذه المسؤولية على عاتق المدرسة أم على عاتق الأهل؟ ثم، ما هي المواضيع المباحة والأخرى المحرّمة؟ تساؤلات خصصت مجلة PSYCHOLOGIES ملفاً للإجابة عنها، وقد تضمن آراء المعالجين النفسيين.
نصحت ديدي توماس، المختصة في التحليل النفسي عند الأطفال، ببدء التربية الجنسية منذ مرحلة مبكرة، إذ ترى أنّ معالم الحياة الجنسية تبدأ بالتبلور عند الطفل ما بين سن الثالثة والسابعة. فعقدة أوديب تظهر علاماتها في سن الرابعة أو الخامسة. في هذه الفترة، ولكي يفهم الطفل الممنوعات والمحرّمات، يجب أن يدرك أنه لم يخرج من رحم أمه وحسب، بل إن لوالده دوراً في ذلك أيضاً. هذا الإدراك لا يكون ما لم يقم الأهل بدورهم في شرح الحياة الجنسية وتوضيحها لأبنائهم، وهذا ما لا يحصل غالباً.
وعن ضرورة إقحام المدرسة لتلعب دوراً في التربية الجنسية أو حصر هذه المهمة في نطاق الأهل والعائلة، تقول دوماس: «في الوقت الحالي، نحن نهتم أكثر بالصحة الجسدية للطفل، أي بغذائه وطبيعة حياته، ونهمل في المقابل نموّه النفسي، حيث يمثّل المفهوم الجنسي مرتكزاً أساسياً له. من هنا يأتي دور المدرسة في الإضاءة على أهمية هذا الموضوع». تلفت دوماس إلى سيطرة نوع من التشدد البورجوازي على ثقافة المجتمع يمنعه من التحرر الجنسي. وإذا كان بعض الأهل يجدون صعوبة في التكلم مع أبنائهم عن هذا الموضوع، فذلك لأن «شبح» الحياة الجنسية لا يزال يلاحقهم حتى في لاوعيهم. وبناءً على هذا المعطى، تنصح المحللة النفسية بتحميل المدرسة، التي تمثّل صورة مصغّرة عن المجتمع، بعض المسؤولية في تصحيح الأضرار التي سببتها المظاهر الحياتية المختلفة.
لكن، ماذا لو اعتبر بعض الأهالي أن المدرسة تتخطى حدود مسؤوليتها أو تقوم بدور ليس من صلاحياتها؟
هنا تعلّق دوماس مؤكدة ضرورة أن تحصل التربية الجنسية بحضور الأهل ولكن تحت إشراف أشخاص تدرّبوا خصيصاً لتحقيق هذا الهدف. المدرسة لا تسعى إلى نشر لغة جنسية موحّدة، بل هي تساهم في مساعدة الطفل على التحرر من عقده وعلى التعامل مع الموضوع من دون خجل أو شعور بالذنب.
في المقابل، ترتفع أصوات معارضة تطالب بحصر التربية الجنسية في إطار البيئة العائلية فقط. فبحسب المعالج النفسي جيرار بوني، لا يمكن المدرسة أن تأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل طفل وتميّزه عن غيره من رفاقه. ويضيف: «لا أظن أن المدرسة التي تُعتبر المكان الأمثل للتعليم والتربية الجماعية، يمكنها أن تقوم بدور التعليم الفردي الذي يحتاج إلى كثير من الخصوصية والدقة».
يشدد بوني على أن الطفل يكوّن شخصيته بناءً على ما يتلقاه من أهله، من الكلام إلى الحركات والإشارات أو حتى النظرات. لذلك، ليس للرسائل الخارجية التأثير ذاته الذي تملكه تربية الوالدين.
ويبدي بوني انزعاجه من تحديد عمر مناسب للتكلم عن الأمور الجنسية. فبحكم خبرته معالجاً نفسياً، يقول إنه لا يمكن التعامل مع جميع الأطفال كمجموعة متجانسة لأن لكل منهم طبعه الفريد. فبعض الأطفال يحاولون الحصول على معلومات عن الحياة الجنسية في سن الثالثة أو حتى قبل ذلك، فيما تأتي هذه المحاولة في وقت متأخر عند آخرين. لهذه الأسباب مجتمعة، ينبغي التعامل مع كل طفل على حدة على أنه كيان شديد التميّز والخصوصية.