3000 مجنّس ستحدّد خياراتهم في صيدا المعادلة الجديدة للمدينة. المعركة الحامية المتوقعة، تحتاج إلى كل صوت من تلك الأصوات، التي يتزاحم المرشّحون على كسبها بشتى الوسائل «الانتخابية». فكيف ينظر الفلسطينيون منهم إلى الانتخابات؟
عين الحلوة ــ سوزان هاشم
«آخر همنا الانتخابات، ما جايينا من حدا شي»، بعدم الاكتراث هذا، يطالعك معظم المجنّسين الفلسطينيين المقيّدين في لوائح الشطب في صيدا. بيد أنه بعد «سين وجيم»، والقليل من الأسئلة الاستنطاقية، تكتشف حماسة «مخبّأة» لا تقل عن حماسة الصيداويين. كيف لا وهم أصحاب قضية يبحثون عمّن ينقلها إلى المجالس السياسية؟ وبما أن معظمهم يعيش في المخيمات، متجرّعاً مع أهلها كأس المعاناة والحرمان، فلا بدّ أن يختار هؤلاء من يخفّف عنهم المرارة التي يرتشفونها في صحنهم اليومي.
«ما تخلّي المال يغرّك»، هو شعار رفعته الناخبة أم بلال المقيمة في المجمع السكني في عين الحلوة، رافضة مبدأ شراء الأصوات «الذي يجري تحت جنح الظلام وبطريقة سرية»، معلنةً أنها ستقترع لـ«يللي خطو معروف»، تقول، في إشارة «لفظية» مثقلة بالمعاني الانتخابية. كذلك، الأمر بالنسبة إلى محمد الشمندي، «كان معروف أبو الفقراء ورجل أصيل بوطنيته، وابنه أسامة يسير على نهجه، أما السنيورة، فشو عملنا؟». لكن محمد البيك الذي يقترع للمرة الأولى، يقول لـ«الأخبار» إنه سيدشّن صوته الانتخابي باسم المرشحين «فؤاد السنيورة وبهية الحريري». أما السبب؟ فـ«هيك من دون سبب محدّد»، يقول محمد. «رأيٌ» تغمز من قناة أسبابه جارته الحاجّة أم حسين، الساكنة في أحد التجمعات السكنية في المخيّم، التي تقول بناءً على ما تقدم «ما بحب الكراتين»، قاصدةً كراتين الإعاشات (المساعدات الغذائية) التي توزعها مؤسسة الحريري بين الفينة والأخرى، مردفةً «قلبي مع أسامة». أما أبو محمد، الذي أقعده الزمن، والذي يعيش في غرفة صغيرة في المخيّم هي كل منزله، فيبدو أن حالته الصحية هذه المرة ستحول دون ممارسة حقه في الاقتراع، هو الذي اعتاد في السابق التصويت لمصطفى سعد وبهية الحريري، يتمنى أن تحافظ صيدا على كيانها التاريخي.
الوضع يبدو مختلفاً بعض الشيء بالنسبة إلى أبو عمر، الذي يبدو غير مكترث للانتخابات النيابية، مشيراً إلى أنه «مين ما يجي يجي، المهم أن يحسّنوا أوضاعنا». مؤكداً أنه لم يحسم حتى اللحظة خياره في الاقتراع.
ومهما يكن، وبحسب ما تشير مصادر فلسطينية، فإن معظم هؤلاء المقترعين لا يمكن «أن يتنكّروا لتاريخ آل سعد، الحافل بالتضحيات الجسام، والنضال من أجل القضية الفلسطينية. لذلك، فإن أسامة سعد يمثّل حالة وطنية ستكون الدافع الأساسي لانتخابهم إيّاه». وفي المقابل، تتابع المصادر أن هؤلاء لا يمكن «أن يبصقوا على «النعم» التي تقدمها مؤسسة الحريري، ولا سيّما الإعاشات وغيرها من المساعدات. تالياً، فإن التصويت لبهية الحريري، هو رد جميل على ما تقدّمه الستّ إليهم». ولكن أين فؤاد السنيورة، المرشّح الثالث من ذلك؟ تجيب المصادر عينها إن السنيورة لا يحظى بالقبول والرغبة لدى هؤلاء، إذ «لم يقدم شيئاً إليهم، وإلى الشعب الفلسطيني عموماً، بل على العكس فإن موقعه الحكومي عزّز من مأساة هذا الشعب»، بالنسبة إلى المقيمين في لبنان على الأقل. لذلك، من المرجّح أن تتوزع الأصوات بين سعد والحريري.
بيد أن لا شيء، كما يقول أحد «العتّاق» في المواضيع الانتخابية اللبنانية، ثابتاً، وخصوصاً في وجه الدولارات الانتخابية، التي تُدفع سراً لبعض الناخبين من تيار الأموال، والتي هي بالطبع تمثّل إغراءً للفئة المسحوقة الفقيرة، التي كلما ازداد فقرها بدا أن اختيارها لممثليها «إجباري» لارتباطه بالإعاشات، والمساعدات، الاسم الآخر الرائج هذه الأيام للرشى الانتخابية. وبالرغم من ذلك لا يمكن التكهن بما سيسقطه هؤلاء خلف الستار.


صوت يُخسّر ويُربّح

عدد المقترعين من المجنَّسين في دائرة صيدا يبلغ نحو 3000 صوت. نصفهم تقريباً من الفلسطينيين، من مجموع 52900 ناخب. ويتوزّع معظم هؤلاء في مخيمَي عين الحلوة وبرج الشمالي، ومنطقة إقليم الخروب (شحيم ووادي الزينة)، إضافة إلى مصيلح وصور. وقد استحصلوا على الجنسية اللبنانية بموجب قرار في أوائل التسعينات في القرن الماضي. وتمثّل هذه الأصوات «بيضة القبّان»، وخصوصاً أن المعركة في صيدا تجري بأقسى حماوتها، وصوت «بيخسّر وصوت بيربّح»