في مجدليا، «خط التماس» الذي شهد عنف الطوائف، يعلن طلاب مدرسة الآباء الكرمليين اليوم، على اختلاف طوائفهم، نبذ الحرب والشعارات التحريضية
مجدليا ــ فريد بو فرنسيس
إنهم في مدرسة مختلطة طائفياً ومناطقياً، يعزّز طاقمها من إدارة وأساتذة لديهم باستمرار أهمية تقبل الآخر.
طلاب المرحلة الثانوية في مدرسة الآباء الكرمليين في بلدة مجدليا، قضاء زغرتا، أكدوا أنهم غير طائفيين، خلال ورشة العمل التي نظمها في مدرستهم الفريق الوطني لتعلم اللاطائفية التابع للهيئة اللبنانية للحقوق المدنية، التي تناولت الشعارات الطائفية ومدى تأثيرها على الشباب. إلا أنهم أبدوا في الخلاصة بعض المرونة والواقعية تجاه حدة الاصطفاف الطائفي الواقع في لبنان، حين أجمعوا على أن «الكفر مرفوض أما بقية الشتائم فربما قد نتقبلها». «فالطائفية موجودة عبر الإذاعات والتلفزيونات وفي الصحف والمجلات وفي كل شيء، حتى داخل البيت ووسط الشارع وفي كل حي»، بحسب الطالبة مي روحانا التي رأت أنه يجب «إعادة النظر في الأسس التربوية لتعزيز مبادئ اللاعنف واللاطائفية».
ومي هي إحدى المشاركات في مجموعة ضمت ما يزيد عن ستين طالباً وطالبة في الصفوف الثانوية، توزعوا على حلقتين ناقشوا خلالهما القضية، وأجمعوا في نهايتهما على أسفهم على رواج ظاهرة قول الشعارات وكتابتها التي تحرض على الطائفية، مبدين اقتناعهم بأنها قد تؤدي إلى توتّرات محدودة ولكنها لن تؤدي إطلاقاً إلى حرب أهلية. «من رابع المستحيلات أن ننخرط في حرب أهلية»، تقول ماريا عساف، مضيفة: «مجتمعنا تربى على الطائفية وهذا خطأ. فعندما يتحدث عنها الكبار، تتكوّن ترسبات، سرعان ما نتلقاها في محيطنا. إلا أنه كلما تعرفنا إلى الآخر، كلما ابتعدنا عن الطائفية».
تخلل التدريب عرض لفيلم قصير يتناول الحرب ومشاهدها، ويرصد مآسيها من وقوع القتلى والجرحى، يعلن مع نهايته كل فريق شارك فيها انتصاره. فيلم استفز الطلاب وترك أثراً كبيراً فيهم. فقد لمسوا عند مشاهدته بشاعة الحرب، واتفقوا على أن الجيل الجديد قادر على التغيير شرط أن يعيد النظر في كثير من الأمور.
وفيما أعربت صفاء الضيقة، ممثلة الفريق الوطني لتعلم اللاطائفية، عن سعادتها من «تفاعل الطلاب مع التدريب بصدق وصراحة وبالتعاون التام الذي أبدوه»، مشيرة إلى «أن المدرسة كان لها الفضل في إبعاد شبح الطائفية عن الطلاب لكونها تضم تلامذة من مختلف المناطق والطوائف»، لفت مدير المدرسة الأب ميشال حداد إلى أنه لا يخشى على الطلاب حتى من مجتمعهم الضيق، «فالنواة التي تزرعها فيهم المدرسة عن أهمية تقبل الآخر واحترام رأيه لا بد أن تثمر»، مشيراً إلى أنه «رغم ما جرى من توتّرات أمنية خلال السنوات السابقة في المنطقة، لم يتأثر الطلاب واستمروا في تعاونهم ومحبة بعضهم بعضاً».
يذكر أن اختيار الفريق الوطني لتعلم اللاطائفية قد وقع على مدرسة الآباء الكرمليين لتجاوب الإدارة مع المشروع، على عكس إدارات مدارس أخرى تواصلوا معها. بالإضافة إلى ذلك، مثّل واقع أن المدرسة تضم طلاباً من مختلف الفئات الإجتماعية والإنتماءات الطائفية، وأنها كانت قد تضررت من العنف الهمجي خلال الحروب بسبب موقعها على خطوط التماس، ثم نجحت بأن تعود صرحاً تربوياًجامعاً، حافزاً إضافياً لاختيارها.