قاسم س. قاسم«هنا سيتم إنشاء جسر للمشاة بهبة مقدمة من سعادة النائب الشيخ سعد الحريري». تشير اللافتة إلى المكان الذي سيقام فيه الجسر في شارع قصقص. اختيار المكان لم يكن عبثياً، فهنا قتلت الفتاة مريم الحسيني بعد خروجها من ملاعب قصقص بعد مباراة كرة سلة مع أصدقائها (راجع «الأخبار» عدد 635). مر على تحرك عائلة الحسيني ثمانية أشهر طالبوا فيها الجهات المعنية بإنشاء جسر للمشاة في ذلك المكان الخطر، لكن كل ما كانوا يسمعونه هو «وعود بالتبرع بإنشاء الجسر. أما الافعال فبقيت كلاماً بكلام»، يقول عم الضحية محمد الحسيني.
انضم الحسيني بعد مقتل قريبته إلى جمعية اليازا (التي تهتم بمراقبة أمور السير وما يتعلق بسلامة الناس في هذا القطاع) وأدار، بالتعاون معهم، حملة المطالبة بالجسر المذكور أعلاه. في الفترة الماضية أصيب الحسيني بالإحباط، كما يقول لـ«الأخبار». أما السبب، فكان «تعبنا من الحكي وما كان حدا يسمعنا، لذلك بطلنا نحكي». منذ أسبوعين أثمرت، على ما يبدو، أخيراً جهود الحسيني على الأرض، وذلك بإعلان بلدية بيروت عزمها على إنشاء الجسر بهبة مقدمة من النائب الحريري، وتلزيمه لشركة من أجل التنفيذ. تلقّت العائلة الخبر شاكرةً ربها أن «الشيخ سعد حب يعمل خير»، يقول الحسيني. هكذا، باستطاعة منطقة قصقص أن تتنفّس الصعداء، فالجسر سيخفف، ربما، المشكلة في المنطقة، ولكن ماذا عن باقي المناطق اللبنانية؟
في منطقة الكرنتينا، بالقرب من مركز المعارض سابقاً، وهي المنطقة التي شهدت حادثاً مأساوياً آخر أدى إلى وفاة أحد المشاة، أُعلن أن النائب سعد الحريري تبرع بإنشاء جسر مشاة هناك. وبغض النظر عما يعنيه تعليق لافتات تعلم المواطن بأفضال المتبرع في هذا الوقت الانتخابي، يجب القول إن القرار ببناء جسرين وتلزيمهما يجيب توقعات المواطنين. لكن متى يجري بناؤهما؟ يجيب مسؤول في بلدية بيروت عن سؤال «الأخبار» أنه «جرى تلزيم المشروع، أمّا تاريخ البدء فإننا لا نعرف متى»، ولدى سؤاله عن دور بلدية بيروت يقول إن «البلدية قدمت دراسة تحدد الأماكن التي تحتاج إلى جسور مشاة»، مشيراً إلى أن البلدية «دفعت كلفة الدراسة لشركة خاصة». هكذا، تقرر إنشاء جسرين وأُعلن عنهما ولُزّما لكن يبقى تاريخ بدء بنائهما مجهولاً. بالنسبة إلى الليازا فإنها تعيش حالة «انتظار ومش مصدقين لأننا سمعنا كتير وعود»، يصف زياد عقل، رئيس اليازا، الوضع. ويشرح عقل بأن «اليازا» تتابع العمل وتنسقه مع وزارة الأشغال ووسائل الإعلام لشرح «حاجة اللبنانيين إلى الالتزام باستعمال جسور المشاة»، مضيفاً إن المشكلة «لا تحلّ بجسر أو اثنين»، فحلهّا يوجب بناء «عشرات الجسور».