الميناء ــ نسيم عرابيقبل ظهر أمس، كان المشهد غير اعتيادي على كورنيش الميناء، قبالة مسجد عمر بن الخطاب. حركة صيادين متجمهرين، في يومٍ طقسه ليس بالمغري للصيد، لفتت أنظار المارة. دقائق قليلة ويتّضح الأمر: Joe 2 تغزو البحر.
إذاً، بعد أسابيع قليلة من انتفاضة الصيادين في صيدا وطردهم للباخرة Joe 2 من مياه المدينة، انتقل المشهد نفسه شمالاً نحو الميناء. وعلى الفور، تداعى أصحاب الشأن وتجمّعوا على رصيف المرفأ ليرفعوا الصوت عالياً بوجه هذه الباخرة وتعدّيها على مياههم عنوةً. وقد تخلل الاعتصام كلمة لأمين سر نقابة صيادي الشمال سالم دقناش، حذر فيها من خطورة التساهل تجاه ما يحصل مع الصيادين، مناشداً المسؤولين «إعطاء التعليمات المناسبة للأجهزة المعنية للتشدد في منع مخالفة هذه المصيبة الجديدة لقوانين الصيد المركبة».
وقد أكد دقناش لـ«الأخبار» أن الباخرة «حصلت على ترخيص تجوّل فقط، أي يسمح لها برفع العلم اللبناني فقط، ولا يحق لها العمل بالصيد»، مشيراً إلى ضغوط مارسها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، على وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي لإعطائها هذا الترخيص، وتوجّه إلى الرؤساء الثلاثة والوزير العريضي بطلب التدخل وسحب رخصة التجول التي بموجبها أصبحت تزاول الصيد في احتيال ما بعده احتيال على القانون. «هذه الأنواع من البواخر (التي تستعمل الجرف) تقضي على الثروة السمكية التي نعتاش منها، ولا نريد أن نصل إلى ما وصل إليه صيّادو مدينة باري الإيطالية، حيث تقلص عدد مراكب الصيد من 430 إلى 35 مركباً بسبب سوء تنظيم هذه المهنة ودخول مثل هذه البواخر إلى المياه وجرفها، واحتكار ما فيها من ثروة سمكية» يقول دقناش، ويختم بالتشديد على «التصدي لهذه الباخرة بكل الطرق القانونية، من اعتصامات وتظاهر، وصولاً إلى أكثر مما حصل في صيدا لأن المسألة أصبحت مسألة دفاع عن لقمة العيش».
ويواجه قطاع الصيد البحري إهمالاً مزمناً من الدولة، فحتى الآن لا ضمان صحياً للصيادين، بالإضافة إلى انتشار الصيد بالطرق غير الشرعية وأحياناً كثيرة بتغطية من أصحاب النفوذ في الدولة، في ظل غياب سياسة زراعية سليمة، بعدما تمحورت كل السياسات الاقتصادية حول قطاع الخدمات والمصارف.