حسام كنفانيأحدث ما تفتّقت عنه الذهنية المصريّة في إدارة الحوار الفلسطيني هو «بقاء حكومتي غزّة ورام الله مع إنشاء هيئة للتنسيق بينهما» للالتفاف على الفشل في تذليل العقبات أمام «حكومة التوافق الوطني». الفكرة لم تؤكّدها أي جهة رسمية مصرية، لكنها لم تنفها أيضاً. وحتى تقليل «حماس» من شأنها لم يكن مقنعاً، إذ إنّه ركّز على «عدم تلقّي الحركة مثل هذا الاقتراح»، وهو ما لا ينفي تداوله شفاهة على لسان مدير الاستخبارات المصريّة اللواء عمر سليمان.
وفي كل الأحوال فإن «حماس» و«فتح» ليستا بعيدتين عن القبول بمثل هذه الفكرة التي تمثل «شرعنة» لوضع مجسّد فعليّاً على الأرض. فبدل القطيعة القائمة بين حكومتي غزّة ورام الله، لا بأس من بعض التنسيق في السياسات العامة. تنسيق يضفي على السلطة الفلسطينية صفة «الكونفدراليّة»، ولا سيما أن الانفصال واقع فعلاً في الأجهزة الأمنية والقضائية، وحتى الوزارات وموظفيها.
«كونفدرالية» سبق أن تمنّتها حركة «حماس» خلال جولات الحوار الوطني في القاهرة، حين جوبهت باستنكار بأن أسلوب تفاوضها قائم على اعتبار غزّة والضفة اتحاداً كونفدرالياً، فكان جواب القيادي في الحركة الإسلامية خليل الحيّة: «يا ريت».
أمنية الحيّة، التي تسمح للحركة بالحفاظ على «إمارة غزّة»، يبدو أنها في طريقها للتحقق، فالاقتراح المصري هو تجسيد لهذه الرغبة، بعدما أخفقت كل الوسائل في الوصول إلى اتفاق على حكومة انتقالية. وحتى موعد استئناف الحوار في السادس من الشهر الجاري لا يبدو واقعيّاً، نظراً لتمترس الأطراف خلف مواقفها ووصولها إلى «طريق مسدود».
حال دفعت المصريين إلى «الاقتراح العبقري» كحل مرحلي لحين إجراء الانتخابات الرئاسيّة والتشريعية في الرابع والعشرين من كانون الثاني المقبل. غير أن المرحلية قد تصبح دائمة. فحتى لو جاءت نتائج انتخابات 2010 مماثلة أو مغايرة لنتائج 2006، لا شيء يمكن أن يتغيّر في عُقَد التوافق. ستبقى معضلة الحكومة وعقبة الأجهزة الأمنية ومرجعية منظمة التحرير، فلا «فتح» ستتخلّى لـ«حماس» عن حكم الضفة، ولا الحركة الإسلامية ستكون مستعدّة لتسليم مفاتيح إمارة غزة.
حينها سيكون الحل بعبارة «تبقى الحال على ما هي عليه»: كونفدرالية في لادولة.