لمناسبة ذكرى الحرب، انطلقت يوم أول من أمس، من بيروت، بوسطة تذكّر بويلات الحرب تفادياً لتكرارها. هذه المرة، هي بوسطة «سلام»، ستجوب مختلف المناطق اللبنانية، حتى العاشر من أيار، وقد كانت النبطية أولى محطاتها
بيروت ــ محمد محسن
النبطية ــ كارولين صباح
صباح الأحد، كان عشرة شبّانٍ يجمعون حقائبهم، ويستعدّون لركوب «بوسطة» قديمة مركونة في أحد مواقف السيارات في شارع سبيرز، وقد حدّدوا على قمصان ارتدوها خصيصاً للمناسبة وجهة رحلتهم: جميع الأراضي اللبنانية. أما هدف الرحلة؟ فتعارف وسلام.
البوسطة «قديمة ومتعبة»، يقول أحد المشاركين، من الشباب الذين توافدوا من مناطق لبنانية مختلفة للمشاركة في رحلة السلام التي تموّلها الوكالة الأميركية للتنمية.
«بيروت، برقايل، طرابلس، بنت جبيل، بعلبك، زحلة» وغيرها من المناطق اللبنانية، ستسمع هدير البوسطة في وقت أو في آخر خلال الفترة الممتدة من اليوم حتى العاشر من أيار.
«أنا من هون» يشير أحمد الحسن إلى اسم بلدته برقايل، مؤكداّ أنّه سيشارك في الرحلة ليتعرّف إلى مناطق لبنانية لا يزال يجهل الكثير عنها، و»ما بسمع عنّا إلّا بنشرات الطقس»، كما يقول، لافتاً إلى أن الوقت قد حان «لنعمل peace».
أمّا ابن بلدة سعدنايل، خالد الدني، فسيشارك في الرحلة «لفرجي إنو كلنا سوا منفوت على مناطق بعضنا، وما في خطوط تماس»، منوهاً بالسهرة التي يعدّها أهالي بلدته لاستقبال المشاركين في الرحلة.
يؤكد مدير المشروع زيكو مصطفى أنّ الهدف هو إيصال فكرةٍ مفادها «أنّ الوسائل العنفية لا يجوز أن تُستعمل حين يختلف الناس في آرائهم». يحاول المشروع بحسب زيكو وصل القرى بعضها ببعض «إذ إن كل قرية يمكنها الاعتماد على القرية الأخرى، وهذا التعاون سيسهم في بناء الوطن».
يبدو جواب زيكو عمّا يتوقّعه من المشروع؟ «لا شيء»، مستغرباً، لكن هذا الاستغراب يزول تدريجياً، حين يشير إلى أنه سيعمد إلى توثيق الرحلات وجميع القصص التي سيرويها أهالي القرى والمدن، خلال ورش العمل التي ستنظم، ليجري عرضها بعد انتهاء الرحلات، من خلال فيلم وثائقي. بعدما عرض المنظمّون فيلماً وثائقياً تخلّلته شهادات عن الحرب الأهليّة، تلاها مقاتلون ومواطنون عاشوا ذكريات الحرب الأهلية، صعد الشبّان المشاركون إلى البوسطة، بدأوا بالتصفيق والغناء وانطلقوا نحو النبطية، محطتهم الأولى.
هناك، حطت البوسطة المشابهة لبوسطة «عين الرمانة» في وسط الساحة، نصب ركابها خيمة كبيرة بمحاذاة السرايا الحكومية، تحت حراسة من القوى الأمنية، وباشروا فوراً إقامة نشاطهم «هدير بوسطة، ذكريات بلد»، الذي يهدف إلى حث الشباب والمواطنين اللبنانيين على نبذ الطائفية والحرب والالتقاء على ثقافة السلام والمحبة والعيش المشترك.
ألصق المنظمون عدداً كبيراً من الصور والملصقات على طول الرصيف، قبل أن ينتشروا في السوق التجاري للنبطية يستطلعون آراء أهل المنطقة في الحرب، ويقيمون حواجز محبة في شارع حسن كامل الصباح، ويشبكون أياديهم مع شباب المنطقة في حلقة الدبكة.
«سألنا الناس عما يتذكرونه من الحرب، معظمهم أجمعوا على رفض العودة إليها، إلا أن بعض الشباب فاجأونا، إذ أبدوا استعدادهم للدفاع عن زعمائهم السياسيين وخوض حرب جديدة»، يقول أحمد مستراح، أحد الشباب المشاركين في الحملة.
أما سعاد عبد الله، المديرة الميدانية للمشروع، فقد قالت: «البوسطة هي رمز الحرب اللبنانية، لذلك اخترناها لتكون شعاراً للسلام، أردناها رمزاً يجمع اللبنانيين على محبة وطنهم ونبذ الطائفية، واليوم في النبطية وجدنا تجاوباً من الجميع لنسيان الحرب وتجاوزها، فاللبنانيون يريدون العيش بسلام».
34 عاماً انقضت على عام 1975. «تا تنذكر وما بقى تنعاد»، سيمرّ الشباب على 34 محطة في لبنان لنشر السلام.


لماذا الحروب؟

نوّهت ليلى سرحان، مديرة «شبكات شبابية»، التي شاركت في النشاط إلى جانب «تجمع شباب المروانية»، بأهمية الحدث الذي «كسر روتين الاحتفالات التي غالباً ما يكون لها طابع المهرجان السياسي في النبطية». على لوحات معلقة على الجدران، طرحت سرحان على المارة سؤالين: «كيف تمنع الحرب الأهلية»، و«حروب لبنان: لماذا؟»، فتناولت أغلب الأجوبة مساوئ الطائفية، ما دفعها إلى استغراب «اندلاع الحروب بينما ترفضها الأغلبية»، والتشديد على توجيه الشباب نحو الوطن بدل الطائفة.